قوله : (وَلا يَكُونُوا).
قرأ العامة : بالغيبة جريا على ما تقدم.
وأبو حيوة ، وابن أبي (١) عبلة : ب «التاء» من فوق على سبيل الالتفات.
قال القرطبي (٢) : وهي رواية رويس عن يعقوب ، وهي قراءة عيسى ، وابن إسحاق.
ثم هذا يحتمل أن يكون منصوبا عطفا على «يخشع» كما في قراءة الغيبة ، وأن يكون نهيا ، فتكون «لا» ناهية والفعل مجزوم بها.
ويجوز أن يكون نهيا في قراءة الغيبة أيضا ، ويكون ذلك انتقالا إلى نهي أولئك المؤمنين عن كونهم مشبهين لمن تقدمهم نحو «لا يقم زيد» (٣).
قوله : (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ).
قرأ العامة : بتخفيف الدال بمعنى الغاية ، كقولك : أمد فلان ، أي : غايته.
وقرأ ابن كثير في (٤) رواية بتشديدها ؛ وهو الزمن الطّويل.
فصل في معنى الاية (٥)
معنى الآية لا تسلكوا سبيل اليهود والنصارى أعطوا التوراة والإنجيل ، فطالت الأزمان لهم.
قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم ، فاخترعوا كتابا من عند أنفسهم استحلته أنفسهم ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم حتّى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، كأنهم لا يعلمون ، ثم اصطلحوا على أن يرسلوه إلى عالم من علمائهم ، وقالوا : إن هو تابعنا لم يخالفنا أحد ، فإن أبى قتلناه ، فلا يختلف علينا بعده أحد ، فأرسلوا إليه ، فكتب كتاب الله في ورقة ، وجعلها في عنقه ، ثم لبس عليه ثيابا وأتاهم ، فعرضوا عليه كتابهم ، وقالوا : أتؤمن بهذا؟ فضرب بيده على صدره وقال : آمنت بهذا ـ يعني المعلق على صدره ـ فافترقت بنو إسرائيل على بضع وسبعين [ملة] ، وخير مللهم أصحاب ذي القرن (٦) ؛ قال عبد الله : ومن يعش منكم
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٤ ، وقال ابن عطية : «وقرأ حمزة فيما روى عنه سليم ولا تكونوا بالتاء على مخاطبة الحضور».
وينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٢٢ ، والدر المصون ٦ / ٢٢٧ ، وإتحاف فضلاء البشر ٢ / ٥٢٢.
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٦٢.
(٣) الدر المصون ٦ / ٢٧٧.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٢٢ ، والدر المصون ٦ / ٢٧٧.
(٥) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦٢.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٥) وعزاه إلى سعيد بن منصور والبيهقي في «شعب الإيمان».