«والصّديق» : هو الكثير الصّدق.
وقال مجاهد : من آمن بالله ورسوله فهو صديق ، وتلا هذه الآية (١).
وقال الضحاك : هم ثمانية نفر من هذه الأمة سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام : أبو بكر ، وعلي ، وزيد ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وحمزة ، وتاسعهم عمر بن الخطاب ، ألحقه الله بهم لما عرف من صدق نيته (٢).
قوله : (وَالشُّهَداءُ). يجوز فيه وجهان :
أحدهما : أنه معطوف على ما قبله ، ويكون الوقف على «الشهداء» تامّا ، أخبر عن (الَّذِينَ آمَنُوا) أنهم صديقون شهداء.
فإن قيل : الشهداء مخصوصون بأوصاف أخر زائدة على ذلك كالتسعة المذكورين.
أجيب : بأن تخصيصهم بالذكر لشرفهم على غيرهم لا للحصر.
والثاني : أنه مبتدأ ، وفي خبره وجهان :
أحدهما : أنه الظرف بعده.
والثاني : أنه قوله «و (لَهُمْ أَجْرُهُمْ) ، إما الجملة ، وإما الجار وحده ، والمرفوع فاعل به ، والوقف لا يخفى على ما ذكرناه من الإعراب.
والصّدّيق : مثال مبالغة ، ولا يجيء إلا من ثلاثي غالبا.
قال بعضهم : وقد جاء «مسّيك» من «أمسك» ، وهو غلط ؛ لأنه يقال : «مسك» ثلاثيا ، ف «مسّيك» منه.
فصل في المراد بالصديقين والشهداء (٣)
قال مجاهد وزيد بن أسلم : إن الشهداء والصديقين هم المؤمنون ، وأنه متصل ، وروي معناه عن النبي صلىاللهعليهوسلم وهذا قول ابن مسعود في تأويل الآية (٤).
قال القشيري : قال الله تعالى : (فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ).
ف «الصديقون» هم الذين يلون الأنبياء.
__________________
(١) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٦) وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد.
وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٩٨).
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٩٨).
(٣) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦٤.
(٤) أخرجه الطبري (١١ / ٦٨٣) عن البراء بن عازب مرفوعا بلفظ : «مؤمنو أمتي شهداء» ومثله عن ابن مسعود موقوفا أخرجه الطبري (١١ / ٦٨٣) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٦) وعزاه إلى عبد بن حميد.