قوله : (فِي الْأَرْضِ) يجوز أن يتعلق ب «أصاب» ، وأن يتعلق بنفس «مصيبة» ، وأن يتعلق بمحذوف على أنه صفة ل «مصيبة» ، وعلى هذا فيصلح أن يحكم على موضعه بالجر نظرا إلى لفظ موصوفه ، وبالرفع نظرا إلى محله ، إذ هو فاعل.
والمصيبة غلبت في الشّر.
وقيل : المراد بها جميع الحوادث من خير وشر ، وعلى الأول يقال : لم ذكرت دون الخير؟
وأجيب (١) : بأنه إنما خصها بالذكر ؛ لأنها أهمّ على البشر.
قوله : (إِلَّا فِي كِتابٍ) حال من «مصيبة» ، وجاز ذلك وإن كانت نكرة لتخصصها إما بالعمل ، أو بالصفة ، أي : إلا مكتوبة.
قوله : (مِنْ قَبْلِ) نعت ل «كتاب» ، ويجوز أن يتعلق به. قاله أبو البقاء (٢). لأنه هنا اسم للمكتوب ، وليس بمصدر.
والضمير في «نبرأها» الظاهر عوده على المصيبة.
وقيل : على الأنفس.
وقيل : على الأرض ، أي على جميع ذلك. قاله المهدوي ، وهو حسن.
فصل في مناسبة الآية لما قبلها
قال الزجاج (٣) : إنه ـ تعالى ـ لما قال : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وبين أن المؤدي إلى الجنة لا يكون إلا بقضاء الله تعالى وقدره ، فقال : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ).
والمعنى لا توجد مصيبة من هذه المصائب إلا وهي مكتوبة عند الله ، والمصيبة في الأرض قحط المطر ، وقلّة النبات ، ونقص الثّمار ، وغلاء الأسعار ، وتتابع الجوائح.
وأما المصيبة في الأنفس فقيل (٤) : هي الأمراض ، والفقر ، وذهاب الأولاد ، وإقامة الحدود عليها.
وقيل : ضيق المعاش وقيل : الخير والشّر أجمع ، لقوله بعد ذلك : (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ).
وقوله : (إِلَّا فِي كِتابٍ) يعني : مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ (٥).
وقوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها).
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٧٩.
(٢) ينظر : الإملاء ٢ / ١٢١٠.
(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٥ / ١٢٨ ، والفخر الرازي ٢٩ / ٢٠٦.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٠٦.
(٥) القرطبي ١٧ / ١٦٧.