قوله تعالى : (لِكَيْلا). هذه «اللام» متعلقة بقوله «ما أصاب» ، أي : أخبرناكم بذلك لكيلا يحصل لكم الحزن المقنط والفرح المطغي فأما ما دون ذلك فالإنسان غير مؤاخذ به ، و «كي» هنا ناصبة بنفسها ، فهي مصدرية فقط لدخول لام الجر عليها (١).
وقرأ أبو عمرو (٢) : «بما أتاكم» مقصورا من الإتيان ، أي : بما جاءكم.
قال أبو علي الفارسي (٣) : «لأن «أتاكم» معادل لقوله «فاتكم» ، فكما أنّ الفعل للفائت في قوله : «فاتكم» ، فكذلك الفعل الثاني في قوله : «بما أتاكم».
وقرأ باقي السبعة : «آتاكم» ممدودا من «الإيتاء» ، أي : بما أعطاكم الله إياه.
والعائد إلى الموصول في الكلمتين في الذكر المرفوع بأنه فاعل ، و «الهاء» محذوفة من الصّلة ، أي : بما آتاكموه.
وقرأ عبد الله (٤) : «بما أوتيتم».
فصل في أن حزن المؤمن صبر وفرحه شكر (٥)
قال ابن عبّاس : ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح ، ولكن المؤمن يجعل مصيبته صبرا وغنيمته شكرا ، والحزن والفرح المنهي عنهما هما اللذان يتعدّى فيهما إلى ما لا يجوز (٦).
وقال جعفر بن محمد : يا ابن آدم ما لك تأسف على مقدر (٧) لا يردّه عليك الفوت ، وما لك تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت.
وقيل ل «بزرجمهر» : أيها الحكيم ، ما لك لا تحزن على ما فات ، ولا تفرح بما هو آت؟ قال : لأن الفائت لا يتلافى بالعبرة ، والآتي لا يستدام بالحبرة.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٨٠.
(٢) ينظر : السبعة ٦٢٦ ، والحجة ٦ / ٢٧٥ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٢ ، والعنوان ١٨٦ ، وحجة القراءات ٧٠١ ، وشرح شعلة ٥٩٩ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤١ ، وإتحاف ٢ / ٥٢٣.
(٣) ينظر : الحجة ٦ / ٢٧٥.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٨٠ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٦٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٢٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٠.
(٥) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٦٧.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٨٧) والحاكم (٢ / ٤٧٩) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٧ / ١٤١) رقم (٩٧٧١) من طريق سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٧) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٧) في ب : مفقود.