وقال سعيد بن جبير : (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ) يعني بالعلم (وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) بألّا يعلموا الناس شيئا (١).
وقال زيد بن أسلم : إنه البخل بأداء حق الله تعالى (٢).
وقال عبد الله بن عامر الأشعري : هو البخل بالصدقة والحقوق (٣).
وقال طاوس : وهو البخل بما في يديه.
فصل في قراءات البخل
«بالبخل». قرأ العامة : «بالبخل» بضم الباء وسكون الخاء.
وقرأ أنس (٤) وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وابن محيصن وحمزة والكسائي «بالبخل» بفتحتين ، وهي لغة الأنصار.
وقرأ أبو العالية (٥) وابن السّميفع : «بالبخل» بفتح الباء وإسكان الخاء.
وعن نصر بن عاصم (٦) : «البخل» ـ بضمتين ـ وكلها لغات مشهورة.
وقال قوم : الفرق بين البخل والسخاء من وجهين :
أحدهما : أن البخيل الذي يلتذّ بالإمساك ، والسّخي الذي يلتذّ بالعطاء.
الثاني : أن البخيل الذي لا يعطي عند السؤال ، والسّخي الذي يعطي بغير سؤال.
وتقدم الفرق بين البخل والشّحّ في آخر آل عمران.
قوله : (وَمَنْ يَتَوَلَ) أي : عن الإيمان (فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
قرأ نافع (٧) وابن عامر : «فإن الله الغني الحميد» بإسقاط «هو» ، وهو ساقط في مصاحف «المدينة» و «الشام» ، والباقون : بإثباته ، وهو ثابت في مصاحفهم ، فقد وافق كل مصحفه (٨).
قال أبو علي الفارسي (٩) : من أثبت «هو» يحسن أن يكون فصلا ، ولا يحسن أن يكون ابتداء ؛ لأن الابتداء لا يسوغ حذفه.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٦٨).
(٢) ينظر : المصدر السابق.
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) وقرأ بها الحسن ويحيى بن يعمر. ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٦٩ ، والقرطبي ١٧ / ١٦٨ ، والعنوان ١٨٦ ، وحجة القراءات ٧٠٢، وإتحاف ٢ / ٥٢٣.
(٥) القرطبي ١٧ / ١٦٨.
(٦) السابق.
(٧) ينظر : السبعة ٦٢٧ ، والحجة ٦ / ٢٧٦ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٢ ، وحجة القراءات ٧٠٢ ، والعنوان ١٨٦ ، وشرح شعلة ٥٩٩ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٢ ، وإتحاف ٢ / ٥٢٣.
(٨) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٨٠.
(٩) الحجة ٦ / ٢٧٦.