(إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) قوي في أخذه عزيز أي : منيع غالب.
وقيل : بالغيب أي : بالإخلاص.
فصل في الرد على من قال بحدوث علم الله (١)
احتج من قال بحدوث علم الله بقوله : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ).
وأجيب : بأنه ـ تعالى ـ أراد بالعلم المعلوم ، فكأنه ـ تعالى ـ قال : ولتقع نصرة الرسول ممن ينصره.
فصل في الرد على الجبرية (٢)
قال الجبائي : قوله : (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) يدل على أنه ـ تعالى ـ أنزل الميزان والحديد ، ومراده من العباد أن يقوموا بالقسط ، وأن ينصروا رسله ، وإذا أراد هذا من الكل بطل قول المجبرة أنه أراد من بعضهم خلاف ذلك.
وأجيب : بأنه كيف يمكن أن يريد من الكلّ ذلك مع علمه بأن ضدّه موجود ، والجمع بين الضّدين محال ، والمحال غير المراد.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) الآية.
لما أجمل الرسل في قوله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا) فصل ها هنا ما أجمل من إرسال الرسل بالكتب ، وأخبر أنه أرسل نوحا وإبراهيم ، وجعل النبوة في نسلهما (٣) ، لقوله : (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) ، أي : جعلنا بعض ذريتهما الأنبياء ، وبعضهم أمما يتلون الكتب (٤) المنزلة من السماء كالتوراة والإنجيل والزّبور والفرقان.
وقال ابن عبّاس : الخطّ (٥) بالقلم.
قوله : (فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ).
والضمير يجوز عوده على الذّرّية ، وهو أولى لتقدم ذكره لفظا.
وقيل : يعود على المرسل إليهم لدلالة رسلنا والمرسلين إليهم.
والمعنى : منهم مهتد ومنهم فاسق ، والمراد بالفاسق ها هنا ، قيل (٦) : الذي ارتكب الكبيرة سواء كان كافرا أو لم يكن لإطلاق هذا الاسم ، وهو يشمل الكافر وغيره.
وقيل : المراد بالفاسق ها هنا الكافر ؛ لأنه جعل الفسّاق ضد المهتدين.
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢١٢.
(٢) السابق.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٦٩.
(٤) في أ : التكاليف.
(٥) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٦٩).
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢١٣.