وقيل : إن الذين لم يرعوها حق رعايتها هم الذين أدركوا محمدا صلىاللهعليهوسلم ولم يؤمنوا به.
فصل فيمن أحدث بدعة (١)
دلت هذه الآية على أن كل محدثة بدعة ، فينبغي لمن ابتدع خيرا أن يدوم عليه ، ولا يعدل عنه إلى ضده فيدخل في الآية.
وعن أبي أمامة الباهلي واسمه صديّ بن عجلان أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم ، إنّما كتب عليكم الصّيام ، فدوموا على القيام إذ فعلتموه ولا تتركوه ، فإنّ ناسا من بني إسرائيل ابتدعوا بدعا ولم يكتبها الله عليهم ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها فعاتبهم الله عليها بتركها ، فقال : (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها)(٢) الآية.
فصل (٣)
دلّت الآية على العزلة عن الناس وذلك مندوب إليه عند فساد الزمان ، وتغير الأحوال والإخوان.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ).
أي : آمنوا بموسى وعيسى (اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا) بمحمد صلىاللهعليهوسلم (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) ، أي : مثلين من الأجر على إيمانهم بعيسى وبمحمد صلىاللهعليهوسلم ؛ وهذا نظير قوله تعالى : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) [القصص : ٥٤].
و «الكفل» : الحظّ والنصيب (٤).
وقد تقدم ، وهو في الأصل كساء يكتفل به الراكب يحفظه من السقوط. قاله ابن جرير(٥).
وقال الأزهري (٦) : اشتقاقه من الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه لئلا يسقط ، والمعنى : يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي كما يحفظ الكفل الراكب.
وقال أبو موسى الأشعري : «كفلين» ضعفين ، بلسان «الحبشة».
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٧١.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٩٢) من حديث أبي أمامة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥٩) وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه وابن نصر.
(٣) ينظر : تفسير القرطبي (١٧ / ١٧٢).
(٤) ينظر : تفسير القرطبي (١٧ / ١٧٢).
(٥) جامع البيان ١١ / ٦٩٣.
(٦) تهذيب اللغة ١٠ / ٢٥٠ (كفل).