وأما إذا افتقرنا إلى الحذف كان ظاهره موهما للباطل ، فعلمنا أن هذا القول أولى.
فصل في نزول هذه الآية (١)
قال قتادة : حسد أهل الكتاب المسلمين فنزلت : لئلا يعلم أهل الكتاب أنهم لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله (٢).
وقال مجاهد : قالت اليهود : يوشك أن يخرج منّا نبيّ يقطع الأيدي والأرجل ، فلما خرج من العرب كفروا فنزلت : (لِئَلَّا يَعْلَمَ) ، أي : ليعلم أهل الكتاب ألا يقدرون يعني : أنهم لا يقدرون ، كقوله : (أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً)(٣) [طه : ٨٩] والمراد من فضل الله.
قيل : الإسلام وقيل : الثواب.
وقال الكلبي : من رزق الله (٤).
وقيل : نعم الله التي لا تحصى.
(وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللهِ) ليس بأيديهم ، فيصرفوا النّبوّة عن محمد صلىاللهعليهوسلم إلى من يحبّون.
وقيل : إن الفضل بيد الله ، أي : بقوله : (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ).
روى البخاري عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو قائم على المنبر يقول : «إنّما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشّمس ، أعطي أهل التّوراة التّوراة فعملوا بها حتّى انتصف النّهار ، ثمّ عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثمّ أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتّى صلاة العصر ، ثمّ عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ، ثمّ أعطيتم القرآن فعملتم به حتّى غربت الشّمس فأعطيتم قيراطين قيراطين ، قال أهل التّوراة : ربّنا هؤلاء أقلّ عملا وأكثر أجرا ، قال : هل ظلمتم من أجركم شيئا؟ قالوا : لا ، قال : فذلك فضل الله أوتيه من أشاء».
وفي رواية : «فغضبت اليهود والنّصارى وقالوا : ربّنا» (٥). الحديث.
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٧٣.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٩٧) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٦١) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٦١) عن مجاهد وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٧٣).
(٥) أخرجه البخاري (٢ / ٤٩) كتاب مواقيت الصلاة : باب من أدرك ركعة ... حديث (٥٥٧) وفي (١٣ / ٤٥٥) كتاب التوحيد ، باب : المشيئة والإرادة حديث (٧٤٦٧) و (١٣ / ١٥٧) كتاب التوحيد باب قوله تعالى : «قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها» حديث (٧٥٣٣). من حديث ابن عمر.