ورد عليه بأن «موهنا» ظرف زمان ، والظروف يعمل فيها روائح الأفعال ، والمعنى : يأتي «ما» مكي.
وقرأ العامة : (أُمَّهاتِهِمْ) بالنصب على اللغة الحجازية الفصحى ، كقوله (ما هذا بَشَراً) [يوسف : ٣١].
وعاصم في رواية بالرفع على اللغة التميمية (١) ، وإن كانت هي القياس لعدم اختصاص الحرف ، وقرأ عبد الله (٢) : «بأمّهاتهم» بزيادة الباء وهي تحتمل اللغتين.
وقال الزمخشري (٣) : «وزيادة الباء في لغة من ينصب».
قال شهاب الدين (٤) : هذا هو مذهب أبي عليّ ، يرى أن «الباء» لا تزاد إلا إذا كانت عاملة ، فلا تزاد في التميمية ، ولا في الحجازية إذا منع من عملها مانع ، نحو : «ما إن زيد بقائم» ، وهذا مردود بقول الفرزدق وهو تميمي : [الطويل]
٤٧٣٠ ـ لعمرك ما معن بتارك حقّه |
|
ولا منسىء معن ولا متيسّر (٥) |
وبقول الآخر : [المتقارب]
٤٧٣١ ـ لعمرك ما إن أبو مالك |
|
بواه ولا بضعيف قواه (٦) |
فزادها مع «ما» الواقع بعدها «إن».
فصل في التعبير بلفظ الظهار
ذكر الظّهر كناية عن معنى الركوب ، والآدمية إنما يركب بطنها ، ولكن كنّى عنه بالظّهر ؛ لأن ما يركب من غير الآدميات فإنما يركب ظهره فكنّى بالظهر عن الركوب ، ويقال : نزل عن امرأته أي : طلقها كأنه نزل عن مركوبه ، ومعنى : أنت عليّ كظهر أمي ،
__________________
(١) ينظر : السبعة ٦٢٨ ، والحجة ٦ / ٢٧٧ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٤ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٧٣ ، والدر المصون ٦ / ٣٨٥ ، وقال القرطبي ١٧ / ١٨١ : «وقرأ أبو معمر والسلمي وغيرهما بالرفع على لغة تميم».
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٧٣ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٣١ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٥.
(٣) الكشاف ٤ / ٤٨٥.
(٤) الدر المصون ٦ / ٢٨٥.
(٥) تقدم.
(٦) قائله هو المتنخل الهذلي ، ونسب لذي الإصبع العدواني برواية :
وما إن أسيد أبو مالك |
|
بوان ولا بضعيف قواه |
ينظر ديوان الهذليين ٢ / ٢٩ ، وأمالي المرتضى ١ / ٣٠٦ ، والخزانة ٢ / ٣٣ ، والهمع ١ / ١٢٧ ، والدرر ١ / ٣٠٠ ، والأشموني ١ / ٢٥٢ ، والأغاني ٢٣ / ٢٦٥ ، وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٢٧٦ ، والشعر والشعراء ٢ / ٦٦٤ ، وجواهر الأدب ص ٥٣ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٥.