عنه لم يجز أن يعتق نصف عبدين ، كذا ها هنا.
وروي عن أحمد ـ رضي الله عنه ـ إن كان باقيهما حرا صح وأجزأ ، وإلّا فلا ؛ لأن المقصود تكميل الحرية وقد كملت ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : «ليس لله شريك فإن أعتق مكاتب عن الكفّارة لم يجزه» (١).
وقال أبو حنيفة : إن أعتقه قبل أن يؤدي شيئا أجزأه ، وإن أعتق بعد أن أدى شيئا لم يجزه ، فإن أعتق ذا رحمه المحرم عن كفارته عتق ، ولم يجزه عن الكفارة.
قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) ، أي : من قبل أن يجامعها ، فلا يجوز للمظاهر الوطء قبل التكفير فإن جامعها قبل التّكفير عصى ، ولا يسقط عنه التكفير (٢).
وحكي عن مجاهد : أنه إذا وطىء قبل أن يشرع في التكفير لزمه كفّارة أخرى (٣) ، وعن غيره أن الكفّارة الواجبة بالظّهار تسقط عنه ، ولا يلزمه شيء أصلا ؛ لأن الله ـ تعالى ـ أوجب الكفّارة ، وأمر بها قبل المسيس ، فإذا أخّرها حتى مسّ فقد فات وقتها ، والصحيح ثبوت الكفّارة ؛ لأنه بوطئه ارتكب إثما ، وذلك ليس بمسقط للكفّارة ، ويأتي بها قضاء كما لو أخّر الصلاة عن وقتها ، وسواء كانت الكفّارة بالعتق ، أو الصوم ، أو الإطعام.
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : إن كانت بالإطعام جاز أن يطأ ثم يطعم ، فأما غير الوطء من القبلة والمباشرة والتلذّذ فلا يحرم في قول أكثر العلماء.
فصل فيمن ظاهر من امرأته مرارا
إذا ظاهر مرارا من امرأته ولم يكفر ، فكفّارة واحدة إلا أن يكون قد كفّر عن الأول ، فعليه للثاني كفّارة.
قال : وينبغي للمرأة ألا تدعه يقربها حتى يكفّر ، فإن تهاون بالتكفير حال الإمام بينها وبينه ، ويجبره على التكفير وإن كان بالضرب حتى يوفيها حقها من الجماع.
قال الفقهاء : ولا شيء من الكفارة يجبر عليه ويحبس إلا كفارة الظّهار وحدها ؛ لأن ترك التكفير إضرار بالمرأة ، وامتناع من إيفاء حقّها (٤).
قوله تعالى : (ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ) أي : تؤمرون به.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) من التّكفير وغيره.
__________________
(١) أخرجه أبو داود (٣٩٣٣) ، وأحمد (٥ / ٧٤ ، ٧٥) ، والبيهقي (١٠ / ٢٧٣) ، من حديث أبي الوليد عن أبيه.
(٢) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٨٣ ، ١٨٤.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٨٣).
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٢٦.