أحدهما : أنه معطوف على موضع «نجوى» لأنه مرفوع ، و «من» مزيدة ، فإن كان مصدرا كان على حذف مضاف كما تقدم ، أي : من ذوي نجوى ، وإن كان بمعنى متناجين ، فلا حاجة إلى ذلك.
الثاني : «أدنى» مبتدأ ، و «إلّا هو معهم» خبره ، فيكون «ولا أكثر» عطفا على المبتدأ ، وحينئذ يكون «ولا أدنى» من باب عطف الجمل لا المفردات.
وقرأ الحسن ويعقوب (١) أيضا ومجاهد والخليل : «ولا أكبر» بالباء الموحدة والرفع على ما تقدم.
وزيد بن علي (٢) : «ينبيهم» ـ بسكون النون ـ من أنبأ إلّا أنه حذف الهمزة وكسر الهاء.
وقرىء كذلك إلا أنه بإثبات (٣) الهمزة وضم الهاء ، والعامة بالتشديد من «نبأ».
فصل في النجوى
«النّجوى» : التناجي ، وهو السرار وهو مصدر يوصف به ، يقال : قوم نجوى ، وذوو نجوى.
قال تعالى : (وَإِذْ هُمْ نَجْوى).
قال الزجاج (٤) : «النجوى» مشتقة من النجوة وهي ما ارتفع وتنجى ، فالكلام المذكور سرّا ، لما خلا عن استماع الغير صار كالأرض المرتفعة ، فإنها لارتفاعها خلت عن اتصال الغير ، والسرار ما كان بين اثنين.
قوله : (إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) أي : يعلم ، ويسمع نجواهم بدليل افتتاح الآية بالعلم (٥).
فإن قلت : ما الحكمة في ذكره ـ سبحانه وتعالى ـ الثلاثة والخمسة ، وأهمل الأربعة؟.
فالجواب من وجوه (٦) :
الأول : أن ذلك إشارة إلى كمال الرحمة ؛ لأن الثلاثة إذا اجتمعوا ، فإذا تناجى اثنان
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٧٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٨ ، والقرطبي ١٧ / ١٨٨ ، وقال : وقرأ الزهري وعكرمة «أكبر» بالباء.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٨.
(٣) السابق.
(٤) ينظر : معاني القرآن ٥ / ١٣٧ ، والفخر الرازي ٢٩ / ٢٣٠.
(٥) القرطبي ١٧ / ١٨٨.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٣٠ ، ٢٣١.