وقيل : قالوا : إنه يرد علينا ، ويقول : وعليكم السّام ، فلو كان نبيّا لا تسجيب له فينا ومتنا ، وهذا موضع تعجب منهم ، فإنهم كانوا أهل الكتاب ، وكانوا يعلمون أنّ الأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ قد يغضبون ، فلا يعاجل من يغضبهم بالعذاب (١).
قوله : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) أي : كافيهم جهنم عقابا غدا (يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ).
أي : كفعل المنافقين واليهود.
قال مقاتل : أراد بقوله : «آمنوا» المنافقين آمنوا بلسانهم.
وقال عطاء : يريد الذين آمنوا بزعمهم قال لهم : لا تتناجوا بالإثم والعدوان ، ومعصية الرسول صلىاللهعليهوسلم (٢).
وقيل : يا أيها الذين آمنوا بموسى صلوات الله وسلامه عليه.
قوله : (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى) والمراد بالبر : الطاعة ، وبالتقوى : العفاف عما نهى الله عنه.
(وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [أي] : تجمعون في الآخرة (٣).
قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٠) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٣) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ ما هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٥)
قوله تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا). تقدم قراءتنا «ليحزن» بالضم والفتح في «آل عمران» [آل عمران ١٧٦].
وقرىء (٤) : «بفتح الياء والزاي» على أنه مسند إلى الموصول بعده ، فيكون فاعلا.
__________________
(١) ينظر القرطبي ١٧ / ١٩١.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٠٨).
(٣) ينظر القرطبي ١٧ / ١٩١.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٤٩١ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٢٧٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٣٥ ، والدر المصون ٦ / ٢٨٩.