أبي عوانة : «من قام من مجلسه ـ ثمّ رجع إليه فهو أحقّ به» (١) ذكره القرطبي في «تفسيره»(٢).
قوله : (يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ).
قال ابن الخطيب (٣) : هذا مطلق فيما يطلب النّاس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر والجنة ، قال : ولا ينبغي للعاقل أن يقيد الآية بالتفسّح في المجلس بل المراد منه إيصال الخير إلى المسلم وإدخال السرور في قلبه.
قوله : (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا).
قرأ نافع ، وابن عامر ، وأبو بكر (٤) بخلاف عنه بضم شين «انشزوا» في الحرفين ، والباقون : بكسرهما ، وهما لغتان بمعنى واحد ، يقال : نشز أي : ارتفع ، ينشز وينشز ك «عرش يعرش ويعرش ؛ وعكف يعكف ويعكف» وتقدم الكلام على هذا في «المائدة».
فصل في معنى انشزوا
قال ابن عباس : معناه إذا قيل لكم : ارتفعوا فارتفعوا (٥).
قال مجاهد والضحاك : إذا نودي للصّلاة فقوموا إليها ، وذلك أن رجالا تثاقلوا (٦) عن الصلاة (٧) ، فنزلت.
وقال الحسن ومجاهد أيضا : أي : انهضوا إلى الحرب (٨).
وقال ابن زيد والزّجّاج (٩) : هذا في بيت النبي صلىاللهعليهوسلم كان كل رجل منهم يحب أن يكون آخر عهده بالنبي صلىاللهعليهوسلم فقال الله تعالى : (وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا) عن النبي صلىاللهعليهوسلم «فانشزوا» أي ارتفعوا عنه فإن له حوائج فلا تمكثوا (١٠).
__________________
(١) أخرجه مسلم ٤ / ١٧١٥ في كتاب السلام ، باب : تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه (٣١ / ٢١٧٩) ، وابن ماجه (٣٧١٧) ، وأحمد في المسند ٢ / ٢٨٣ ، والدارمي في السنن ٢ / ٢٨٢ ، وعبد الرزاق في المصنف (١٧٩٢) ، والبخاري في الأدب المفرد (١١٣٨).
(٢) ينظر الجامع لأحكام القرآن (١٧ / ١٩٣).
(٣) التفسير الكبير ٢٩ / ٢٣٤.
(٤) ينظر : السبعة ٦٢٩ ، والحجة ٦ / ٢٨١ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٦ ، وحجة القراءات ٧٠٥ ، والعنوان ١٨٧ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٦ ، وشرح شعلة ٦٠٠ ، وإتحاف ٢ / ٥٢٧.
(٥) ذكره الرازي في «تفسيره» (٢٩ / ٢٣٥) ، عن ابن عباس.
(٦) في أ : تغافلوا.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٩) ، عن الضحاك.
(٨) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٩) ، عن مجاهد والحسن وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٧١) ، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد.
(٩) ينظر معاني القرآن للزجاج ٥ / ١٣٩.
(١٠) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٩).