وقال قتادة : معناه : أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بالمعروف (١).
قال القرطبي (٢) : «وهذا هو الصحيح لأنه يعم ، والنّشز : الارتفاع ، مأخوذ من نشز الأرض ، وهو ارتفاعها».
قوله : (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) بطاعاتهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيامهم في مجالسهم ، وتوسّعهم لإخوانهم.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) يجوز أن يكون معطوفا على (الَّذِينَ آمَنُوا) ، فهو من عطف الخاص على العام ؛ لأن الذين أوتوا العلم بعض المؤمنين منهم ، ويجوز أن يكون (الَّذِينَ أُوتُوا) من عطف الصفات ، أي : تكون الصفتان لذات واحدة ، كأنه قيل : يرفع الله المؤمنين العلماء ، و «درجات» مفعول ثان. وقد تقدم الكلام على نحو ذلك في «الأنعام»(٣).
وقال ابن عباس رضي الله عنه : تم الكلام عند قوله تعالى : «منكم» ، وينصب (الَّذِينَ أُوتُوا) بفعل مضمر ، أي : ويخصّ الذين أوتوا العلم بدرجات ، أو يرفعهم درجات.
فصل في تحرير معنى الآية
قال المفسرون (٤) في هذه الآية : إن الله ـ تعالى ـ رفع المؤمن على من ليس بمؤمن ، والعالم على من ليس بعالم.
قال ابن مسعود رضي الله عنه : مدح الله العلماء في هذه الآية (٥) والمعنى : أن الله ـ تعالى ـ يرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.
وقيل : كان أهل الغنى يكرهون أن يزاحمهم من يلبس الصوف ، فيسبقون إلى مجلس النبي صلىاللهعليهوسلم فالخطاب لهم.
ورأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من الأغنياء يقبض ثوبه نفورا من بعض الفقراء أراد أن يجلس إليه ، فقال : «يا فلان أخشيت أن يتعدّى غناك إليه أو فقره إليك» (٦).
وبيّن في هذه الآية أن الرّفعة عند الله ـ تعالى ـ بالعلم والإيمان لا بالسّبق إلى صدور المجالس.
وقيل : أراد بالذين أوتوا العلم الذين قرأوا القرآن.
وروى يحيى بن يحيى عن مالك ـ رضي الله عنه ـ (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ)
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٩٤).
(٢) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١٩٤.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٨٩.
(٤) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٩٤.
(٥) ينظر المصدر السابق وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٧١) ، عن ابن مسعود بمعناه وعزاه إلى ابن المنذر.
(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٩٤).