ويجوز أن يكون «لأغلبن» جواب قسم مقدر ، وليس بظاهر.
فصل في تفسير الآية
قال المفسرون (١) : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ) أي : قضى الله ذلك.
وقيل : كتب في اللوح المحفوظ قاله قتادة (٢).
وقال الفراء : «كتب» بمعنى «قال».
وقوله : «أنا» توكيد ، «ورسلي» من بعث منهم بالحرب ، فإن الرسول بالحرب غالب ، ومن بعث منهم بالحجّة غالب أيضا ، فإذا انضم إلى الغلبة بالحجة الغلبة بالحرب كان أغلب وأقوى.
قال مقاتل : قال المؤمنون : لئن فتح الله لنا «مكة» و «الطائف» و «خيبر» وما حولهن رجونا أن يظهرنا الله ـ تعالى ـ على «فارس» و «الروم» ، فقال عبد الله بن أبيّ ابن سلول : أتظنون «الروم» و «فارس» كبعض القرى التي غلبتم عليها ، والله إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك ، فنزلت : (لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي)(٣).
ونظيره : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات : ١٧١ ـ ١٧٣].
قوله : (وَرُسُلِي).
قرأ نافع وابن عامر (٤) بفتح «الياء».
والباقون : لا يحركون.
قال أبو علي (٥) : «التّحريك والإسكان جميعا حسنان».
وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) قوي على نصرة أنبيائه «عزيز» غالب لا يدفعه أحد عن مراده (٦).
قوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ).
«يوادّون» هو المفعول الثاني ل «تجد» ، ويجوز أن تكون المتعدية لواحد بمعنى
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٩٨.
(٢) أخرجه الطبري بمعناه (١٢ / ٢٥) ، ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٧٤) ، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٩٨).
(٤) ينظر : السبعة ٦٢٩ ، والحجة ٦ / ٢٨٢ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٦ ، والعنوان ١٨٧ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٦ ، وشرح شعلة ٦٠٠ ، وإتحاف ٢ / ٥٢٧.
(٥) الحجة للقراء السبعة ٦ / ٢٨٢.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٤٠.