٤٧٣٤ ـ لا يسألون أخاهم حين يندبهم |
|
في النّائبات على ما قال برهانا (١) |
وقرأ أبو رجاء : «عشيراتهم» ، بالجمع (٢) ، كما قرأها أبو بكر في «التوبة» كذلك.
فصل في مناسبة الآية
لما بالغ في المنع من هذه الموادة في الآية الأولى من حيث أن الموادة مع الإيمان لا يجتمعان ، بالغ ها هنا أيضا من وجوه ، وهي قوله تعالى : (وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) والمعنى : أن الميل إلى هؤلاء أعظم أنواع المحبة ، ومع هذا فيجب أن يكون هذا الميل مطرحا بسبب الدين (٣).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية في أبي عبيدة بن الجراح قتل أباه عبد الله بن الجراح يوم «أحد» ، وعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة يوم «بدر» ، وأبي بكر ـ رضي الله عنه ـ قال ابن جريح : حدثت أن أبا قحافة سبّ النبي صلىاللهعليهوسلم فصكّه أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ صكّة سقط منها على وجهه ثم أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فذكر ذلك له ، فقال : «أو فعلته لا تعد إليه» ، فقال : والذي بعثك بالحق نبيّا لو كان السيف منّي قريبا لقتلته (٤) ، ومصعب بن عمير قتل أخاه عبيد بن عمير ، وعلي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة ـ رضي الله عنهم ـ قتلوا عتبة وشيبة والوليد بن عتبة يوم «بدر» أخبر أن هؤلاء لم يوادّوا أقاربهم وعشائرهم غضبا لله تعالى ودينه.
فصل في الاستدلال بالآية على معاداة القدرية
قال القرطبي (٥) : استدل مالك ـ رحمهالله ـ بهذه الآية على معاداة القدرية ، وترك مجالستهم.
قال أشهب عن مالك : لا تجالسوا القدرية ، وعادوهم في الله ، لقول الله عزوجل : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ).
قال القرطبي (٦) : وفي معنى أهل القدر جميع أهل الظّلم والعدوان.
وعن الثوري ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : كانوا يرون أنها نزلت فيمن يصحب السلطان.
__________________
(١) قائله قريط بن أنيف. ينظر ديوان الحماسة ١ / ١٣ ، والبحر ٨ / ٢٣٧ ، والدر المصون ٦ / ٢٩١.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٣٧ ، والدر المصون ٦ / ٢٩١.
(٣) التفسير الكبير ٢٩ / ٢٤٠.
(٤) ذكره الحافظ في «تخريج الكشاف» (٤ / ٤٩٧) ، وعزاه إلى الثعلبي في «تفسيره» وذكره السيوطي في «الدر» (٦ / ٢٧٤) ، وعزاه إلى ابن المنذر عن ابن جريج.
(٥) ينظر : الجامع لأحكام القرآن (١٧ / ١٩٩).
(٦) ينظر السابق.