سورة الذاريات
مكية (١) وهي ستون آية ، وثلاثمائة وستون كلمة ، وألف ومائتان وتسعة وثمانون (٢) حرفا.
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ)(٦)
قوله تعالى : (وَالذَّارِياتِ ذَرْواً) أول هذه السورة مناسب لآخرها قبلها ، لأنه تعالى لما بين الحشر بدلائله ، وقال : ذلك حشر علينا يسير وقال : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ) تجبرهم على الإيمان ، إشارة إلى إصرارهم على الكفر بعد إقامة البرهان ، وتلاوة القرآن عليهم ، لم يبق إلا اليمين فقال : (وَالذَّارِياتِ .. إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ) وقال في آخرها (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ).
فصل
وفي الحكمة في القسم ههنا وجوه :
أحدها : أن الكفار كانوا ينسبون النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ للجدال ، ومعرفة طرقه ، وأنه عالم بفساد قولهم ، وأنه يغلبهم بمعرفته بالجدال ، وحينئذ لا يمكن أن يقابلهم بالأدلة ، كما أن من أقام خصمه عليه الدليل ولم يبق له حجة ، يقول : إنه غلبني ، لعلمه بالجدل وعجزي عن ذلك ، وهو يعلم في نفسه أن الحق تبعي (٣) ولا يبقى للمتكلم المبرهن غير اليمين ، ليقول : والله إن الأمر كما أقول ولا أجادلك بالباطل لأنه لو استدل بطريق آخر يقول خصمه فيه كقوله الأول ، فلا يبقى إلا السكوت ، أو التمسك بالأيمان ، وترك إقامة البرهان.
__________________
(١) في قول الجميع.
(٢) في البغوي وثلاثون وانظر : القرطبي ١٧ / ٢٩ والبغوي ٦ / ٢٤.
(٣) كذا في أوفي ب وفي الرازي : بيدي.