قوله : (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ).
هذه اللّام متعلقة ب «أخرج» وهي لام التوقيت ، كقوله تعالى : (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) [الإسراء : ٧٨] أي : عند أول الحشر.
وقال الزمخشري (١) : وهي كاللام في قوله تعالى : (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) [الفجر : ٢٤] ، وقوله : «جئت لوقت كذا» وسيأتي الكلام على هذه «اللام» في سورة «الفجر» إن شاء الله تعالى.
فصل في الكلام على الحشر
قال القرطبي (٢) : «الحشر» : الجمع ، وهو على أربعة أضرب :
حشران في الدنيا وحشران في الآخرة.
أما اللذان في الدنيا فقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ).
قال الزهري : كانوا من سبط لم يصبهم جلاء ، وكان الله ـ عزوجل ـ قد كتب عليهم الجلاء ، فلو لا ذلك لعذّبهم في الدنيا ، وكان أول حشر حشروا في الدنيا إلى «الشام».
قال ابن عباس وعكرمة : من شك أن المحشر في «الشام» فليقرأ هذه الآية (٣).
وأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لهم : «اخرجوا» قالوا : إلى أين؟ قال : «إلى أرض المحشر».
قال قتادة رضي الله عنه : هذا أول المحشر (٤).
قال ابن عباس رضي الله عنهما : هم أول من حشر من أهل الكتاب ، وأخرج من دياره(٥).
وقيل : إنهم أخرجوا إلى «خيبر» ، وإن معنى (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) : إخراجهم من حصونهم إلى «خيبر» ، وآخرهم بإخراج عمر إياهم من «خيبر» إلى «نجد» و «أذرعات».
وقيل : «تيماء» و «أريحاء» ، وذلك بكفرهم ونقض عهدهم.
__________________
(١) ينظر الكشاف ٤ / ٤٩٩.
(٢) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٣.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ٤) ، عن ابن عباس وعكرمة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٧٧) ، وعزاه إلى البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في «البعث».
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٤٠) ، عن قتادة.
(٥) ينظر المصدر السابق.