الأولى مجرورة ب «اللام» ليبين أنّ البدل إنما هو منها. قاله ابن عطية (١).
وهي عبارة قلقة جدا.
الثالث : أن «للفقراء» خبر لمبتدأ محذوف ، أي : ولكن الفيء للفقراء.
وقيل : تقديره : ولكن يكون للفقراء ، وقيل : اعجبوا للفقراء.
قوله «يبتغون» يجوز أن يكون حالا ، وفي صاحبها وجهان (٢) :
أحدهما : للفقراء.
والثاني : «واو» أخرجوا. قالهما مكي (٣).
فصل في معنى الآية
ومعنى الآية أن الفيء والغنائم للفقراء والمهاجرين (٤).
وقيل : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ) ولكن يكون «للفقراء» وهو مبني على الإعراب المتقدم ، وعلى القول بأنه بيان لذوي القربى ، (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ) أي : المال لهؤلاء ؛ لأنهم فقراء ومهاجرون ، وقد أخرجوا من ديارهم فهم أحق الناس به.
وقيل : (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) للفقراء المهاجرين كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء مهاجرين من بني الدنيا.
وقيل : والله شديد العقاب للفقراء المهاجرين ، أي : شديد العقاب للكافر بسبب الفقراء المهاجرين ومن أجلهم ، ودخل في هؤلاء الفقراء المتقدم ذكرهم في قوله تعالى : (وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى).
قال القرطبي (٥) : «وقيل : هو عطف على ما مضى ، ولم يأت بواو العطف كقولك : هذا المال لزيد لبكر لفلان.
و «المهاجرون» : من هاجر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم حبّا فيه ونصرة له».
وقال قتادة : هؤلاء المهاجرين الذين تركوا الدّيار والأموال والأهلين والأوطان حبّا لله ـ عزوجل ـ ولرسوله صلىاللهعليهوسلم حتّى إن الرجل منهم كان يعصب على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ما له دثار غيرها (٦).
قوله تعالى : (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) أي : أخرجهم كفار «مكة» ، أي : أحوجوهم إلى الخروج ، وكانوا مائة رجل «يبتغون» أي : يطلبون (فَضْلاً مِنَ اللهِ) : أي غنيمة في
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٨٧ ،
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٥.
(٣) ينظر : المشكل ٢ / ٧٢٥.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٤.
(٥) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٤.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٨٨) ، عن قتادة وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.