القيامة ، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» (١).
وروى أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدا ، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا» (٢).
وقال كسرى لأصحابه : أي شيء أضر بابن آدم؟ قالوا : الفقر ، فقال : الشح أضر من الفقر ، لأن الفقير إذا وجد شبع ، والشحيح إذا وجد لم يشبع أبدا.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (١٠) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١٢) لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (١٣) لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (١٤) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٥) كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ)(١٦)
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ). يحتمل الوجهين المتقدمين في «الذين» قبله ، فإن كان معطوفا على «المهاجرين» ، ف «يقولون» حال ل «يحبون» أي : قائلين أو مستأنف ، وإن كان مبتدأ ف «يقولون» خبره (٣).
فصل
هذه الآيات قد استوعبت جميع المؤمنين ؛ لأنهم إما المهاجرون أو الأنصار. (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ). قال بعض المفسرين : هذا عطف على «المهاجرين» وهم الذين هاجروا من بعد.
__________________
(١) أخرجه مسلم في المصدر السابق (٥٦ ـ ٣٥٧٨) ، وأحمد في المسند ٣ / ٣٢٣ ، والبيهقي ٦ / ٩٣ ، والحاكم في المستدرك ١ / ١١.
(٢) أخرجه الحاكم (٢ / ٧٢) ، والنسائي في «الكبرى» (٣ / ١٠) ، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٢٥٧) ، من حديث أبي هريرة.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٧.