الفجر (١) ، وبخمسة أحرف كما في : (كهيعص) [مريم : ١] و (حم عسق) [الشورى : ١ و ٢] ، ولم يقسم بأكثر من خمسة أشياء إلا في سورة واحدة وهي الشمس : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها وَالسَّماءِ وَما بَناها وَالْأَرْضِ وَما طَحاها) [الشمس : ١ ـ ٦]. ولما أقسم بالأشياء المعهودة ذكر حرف القسم وهو الواو فقال : (وَالطُّورِ) (وَالنَّجْمِ) (وَالشَّمْسِ) وعند القسم بالحروف لم يذكر حرف القسم فلم يقل : وق وحم ؛ لأن القسم لما كان بنفس الحروف كان الحرف مقسما فلم يورده في موضع كونه آلة القسم تسوية بين الحروف ولم يدخل القسم بالحروف في أثناء السورة لأنه يخل بالنظم.
فصل
أقسم الله بالأشياء المركبة العناصر كالتين والطور ، ولم يقسم بأصولها وهي الجواهر المفردة كالماء والترائب ، وأقسم بالحروف من غير تركيب ، لأن الأشياء عند تركيبها تكون على أحسن حالها ، وأما الحروف إن ركبت لمعنى يقع الحلف بمعناه لا باللفظ ، كقولنا والسماء والأرض وإن ركبت لا لمعنى فكأن المفرد أشرف فأقسم بمفردات الحرف.
فصل
هذه السورة تقرأ في صلاة العيد ، لقوله تعالى فيها : (ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ) وقوله:و (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) وقوله : (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ) ، فإن العيد يوم الزينة فينبغي أن لا ينسى الإنسان خروجه إلى عرصات الحساب. ولا يكون في ذلك اليوم فرحا فخورا ولا يرتكب فسقا ولا فجورا (٢). والعامة على سكون الفاء من قاف (٣). وقد تقدم. وفتحها عيسى(٤) ، وكسرها الحسن ، وابن أبي إسحاق ، وضمها هارون وابن السميقع (٥) وقد مضى توجيه ذلك ، وهو أن الفتح يحتمل البناء على الفتح للتخفيف ، أو يكون منصوبا بفعل مقدر ومنع الصرف أو مجرورا بحرف قسم مقدر وإنما منع الصرف أيضا. والضم على أنه مبتدأ وخبره منع الصرف أيضا.
قال ابن الخطيب : فأما القراءة فيها فإن قلنا : هي مبنية على ما بينا فحقها الوقف ؛ إذ لا عامل فيها ويجوز الكسر حذرا من التقاء الساكنين ، ويجوز الفتح اختيارا للأخف.
__________________
(١) الأربعة الأولى من الفجر : «وَالْفَجْرِ. وَلَيالٍ عَشْرٍ. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ. وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ».
(٢) وانظر الرازي الإمام ٢٨ / ١٤٦.
(٣) فتكون اسم فعل بمعنى أقف كما قال : قلنا لها قفي قالت قاف.
(٤) وسيجيء توجيه تلك القراءة هي وأختها التالية وانظر المحتسب ٢ / ٢٨١ ومختصر ابن خالويه ١٤٤.
(٥) وكذا قال أبو حيان في البحر ٨ / ١٢٠ وأضاف ابن خالويه الحسن لهذين بالإضافة إلى كسره قاف.
وانظر المختصر ١٤٤.