وقال السّدي : المراد اختلاف قلوبهم حتى لا يتفقوا على أمر واحد (١).
وقيل : (بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) إذا لم يلقوا عدوّا نسبوا أنفسهم إلى الشدة والبأس ، وإذا لقوا العدو انهزموا.
(تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى).
يعني اليهود والمنافقين. قاله مجاهد. وعنه أيضا : يعني المنافقين.
وقال الثوري : هم المشركون وأهل الكتاب.
وقال قتادة : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً) أي : مجتمعين على أمر ورأي. (وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) : أي : متفرقة فأهل الباطل مختلفة آراؤهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق (٢).
وعن مجاهد أيضا : أراد أن دين المنافقين مخالف لدين اليهود ، وهذا يقوي أنفس المؤمنين عليهم (٣)(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) أي : ذلك التشتيت والكفر بأنهم قوم لا يعقلون أمر الله.
وقيل : لا يعقلون ما فيه الحظ لهم.
وقيل : لا يعقلون أن تشتيت القلوب مما يوهن قواهم (٤).
قوله تعالى : (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
خبر مبتدأ مضمر ، أي : مثلهم مثل هؤلاء.
و «قريبا» فيه وجهان (٥) :
أحدهما : أنه منصوب بالتشبيه المتقدم ، أي : يشبهونهم في زمن قريب سيقع لا يتأخر ، ثم بين ذلك بقوله : (ذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ).
والثاني : أنه منصوب ب «ذاقوا» أي : ذاقوا في زمن قريب.
أي : ذاقوه في زمن قريب سيقع ولم يتأخّر.
وانتصابه في وجهيه على ظرف الزّمان.
فصل في معنى الآية
يعني مثل هؤلاء اليهود كمثل الذين من قبلهم.
__________________
(١) ينظر المصدر السابق.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٥) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٥) ، وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٥) ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) ينظر القرطبي ١٨ / ٢٤ ، والرازي ٢٩ / ٢٥٢.
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٨.