قال ابن عباس : يعني به بني قينقاع أمكن الله منهم قبل بني النضير (١).
وقال قتادة : يعني بني النضير أمكن الله منهم قبل قريظة ، وكان بينهما سنتان (٢).
وقال مجاهد رضي الله عنه : يعني كفّار قريش يوم بدر ، وكان ذلك قبل غزوة بني النضير قاله مجاهد (٣).
وكانت غزوة بدر قبل غزوة بني النضير بستة أشهر ، فلذلك قال : «قريبا» (٤).
وقيل : هو عامّ في كل من انتقم منه على كفره قبل بني النضير من نوح إلى محمدصلىاللهعليهوسلم.
(وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي : جزاء كفرهم. ومن قال : هم بنو قريظة جعل (وَبالَ أَمْرِهِمْ) نزولهم على حكم سعد بن معاذ ، فحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي [الذرية](٥). وهو قول الضحاك. ومن قال : المراد بنو النضير ، قال : (وَبالَ أَمْرِهِمْ) الجلاء والنفي ، (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة.
قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ).
هذا مثل ضربه الله للمنافقين واليهود في تخاذلهم وعدم الرجاء في نصرتهم ، وحذف حرف العطف ولم يقل : وكمثل الشيطان ، لأن حذف حرف العطف كثير ، كقولك : أنت عاقل ، أنت كريم ، أنت عالم (٦).
وقوله : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) كالبيان لقوله (كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
فصل
روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم : أن الإنسان الذي قال له الشيطان : اكفر ؛ راهب ، نزلت عنده امرأة أصابها لمم ليدعو لها فزيّن له الشيطان فوطئها فحملت ، ثم قتلها خوفا أن يفتضح ، فدلّ الشيطان قومها على موضعها ، فجاءوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه ، فجاء الشيطان فوعده إن سجد له أنجاه من هذه الورطة منهم فسجد فتبرّأ منه فأسلمه ، ذكره (٧) القاضي إسماعيل ، وعلي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم وذكر خبره مطولا.
وذكر ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ) أنه كان راهب في
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦) ، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٢) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٢٢).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٦) ، عن مجاهد.
(٤) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢٥.
(٥) في أ : الذراري.
(٦) السابق.
(٧) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٩٦) ، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في «مكايد الشيطان» والبيهقي في «شعب الإيمان».