المكسور ، وكسر الحاء وفتح الباء (١) ، وكسر الحاء وضم الباء (٢) ، وهذه أقلها لأن هذه الزنة مهملة في أبنية العرب (٣).
قال ابن عطية وغيره : هو من التداخل ، يعني أن فيها لغتين الكسر في الحاء والباء والضم فيهما فأخذ هذا القارىء الكسر من لغة ، والضم من أخرى (٤). واستبعدها الناس ؛ لأن التداخل إنما يكون في كلمتين. وخرجها أبو حيان على أن الحاء أتبعت لحركة التاء في ذات ، قال : ولم يعتد باللام فاصلة لأنها ساكنة فهي حاجز بيّن حصين (٥).
وقد وافق الحسن على هذه القراءة أبو مالك (٦) الغفارّي.
وقرأ عكرمة بالضم والفتح جمع حبكة نحو : غرفة وغرف (٧) ، وابن عباس وأبو مالك الحبك بفتحتين ، جمع حبكة كعقبة وعقب (٨).
وقوله : (إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) جواب القسم.
فصل
المعنى : إنكم يا أهل مكة لفي قول مختلف في حق محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ تارة تقولون : إنه أمين ، وأخرى إنه كاذب ، وتارة تنسبونه إلى الجنون ، وتارة كاهن ، وشاعر ، وساحر ، وهذا القول ضعيف ؛ إذ لا حاجة إلى اليمين على هذا ، لأنهم كانوا يقولون ذلك من غير إنكار حتى يؤكد باليمين. وقيل : يقولون : إنه مجنون ثم يقولون : غلبنا بقوّة جداله.
وقيل : لفي قول مختلف في القرآن ، يقولون فيه إنه سحر وكهانة وأساطير الأولين.
وقيل : قول مختلف أي مصدّق ومكذب (٩). وقيل : غير ثابتين على أمر.
وقيل : متناقض ، تارة يقولون : لا حشر ولا حياة بعد الموت ، ثم يقولون : إنّا وجدنا آباءنا على أمّة.
__________________
(١) نسبها أبو حيان للحسن في البحر ٨ / ١٣٤.
(٢) المحتسب ٢ / ٢٨٦ وقد ذكرها ابن عطية عن الحسن فيما حكى أبو حيان في البحر المرجع السابق.
(٣) قال أبو حيان : «وقال صاحب اللوامح : وهو عديم النظير في العربية في أبنيتها وأوزانها ، ولا أرى ما رأى». انظر : البحر المرجع السابق.
(٤) بالمعنى من البحر ٨ / ١٣٤ فقد قال : «هي قراءة شاذة غير متوجّهة وكأنه أراد كسرها ثم توهم الحبك قراءة الضم بعد أن كسر الحاء وضم الباء وهذا على تداخل اللغات ، وليس في كلام العرب هذا البناء» انتهى. البحر المرجع السابق.
(٥) البحر المرجع السابق.
(٦) سبق ترجمته.
(٧) وهي شاذة المحتسب ٢ / ٢٨٦.
(٨) وهذا قول أبي الفضل الرازي فيما نقله صاحب البحر ٨ / ١٣٤.
(٩) البغوي ٦ / ٢٤١.