قوله : (يُؤْفَكُ عَنْهُ) صفة لقول ، والضمير في (عَنْهُ) للقرآن ، أو الرسول ، أو للدين ، أو لما توعدون ، أي يصرف عنه.
وقيل : عن السبب. والمأفوك عنه محذوف ، والضمير في (عَنْهُ) على هذا القول مختلف ، أي يؤفك بسبب القول من أراد الإسلام بأن يقول : هو سحر وكهانة (١).
والعامة على بناء الفعلين للمفعول. وقتادة وابن جبير : يؤفك عنه من أفك ، الأول للمفعول ، والثاني للفاعل ، أي يصرف عنه من صرف الناس عنه (٢). وزيد بن علي : يأفك مبنيا للفاعل من أفك مبنيا للمفعول عكس ما قبله ، أي يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه(٣).
وعنه أيضا : يؤفّك عنه من أفّك بالتشديد ، أي من هو أفّاك في نفسه.
وقرىء : يؤفن عنه من أفن (٤) بالنون فيهما أي يحرمه من حرمه من أفن الضّرع إذا نهكه حلبا (٥).
فصل
قيل في تفسير قوله : (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) وجوه :
أحدها : مدح المؤمنين ، ومعناه يصرف عن القول المختلف من صرف عن ذلك القول ، ويرشد إلى القول المستوي. وقيل : إنه ذم (٦) ومعناه يؤفك عن الإيمان به من صرف حتى يكذبه ، يعني من حرمه الله الإيمان بمحمد وبالقرآن. وقيل : «عن» بمعنى «من أجل» ، أي يصرف من أجل هذا القول المختلف ، أو بسببه عن الإيمان من صرف ، وذلك أنهم كانوا يتلقون الرجل إذا أراد الإيمان ، فيقولون : إنه ساحر ، وكاهن ، ومجنون ، فيصرفونه عن الإيمان ، قاله مجاهد (٧).
قوله تعالى : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ (١١) يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ
__________________
(١) انظر : الرازي ٢٨ / ١٩٧.
(٢) وهي شاذة. ذكرها صاحب البحر ٨ / ١٣٥ وحينئذ يكون الفاعل تقديره هو. وانظر : المختصر لابن خالويه ١٤٥ وقد ضبطها محقق ابن خالويه أفك بفتح الفاء في الماضي وجاءت مفتوحة الفاء ومكسورتها معا في اللّسان «أف ك».
(٣) المرجع السابق وهو البحر المحيط ٨ / ١٣٥.
(٤) القرطبي ١٧ / ٣٣ وانظر : البحر المرجع السابق وانظر الكشاف في تلك القراءة وسابقتيها وكلها شاذة غير متواترة.
(٥) المراجع السابقة وفي القرطبي : أنهكه حلبا بالرّباعي.
(٦) الرازي ٢٨ / ١٩٨.
(٧) وانظر : معالم التنزيل للإمام البغويّ ٦ / ٢٤١ و ٢٤٢.