قوله : (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ) وهي التي لا خير فيها ولا بركة ، ولا تلقح شجرا ، ولا تحمل مطرا لأنها تكسر وتقلع فكيف تلقح؟! (١).
واعلم أن الفعيل (٢) لا يلحق به تاء التأنيث (إن كان (٣) بمعنى مفعول وكذلك) إذا كان بمعنى فاعل في بعض الصّور (٤). وقد تقدم ذكر سببه ، وهو أن فعيلا (٥) لما جاء للمفعول والفاعل جميعا ولم يتميز المفعول عن الفاعل فأولى أن لا يتميز المؤنث عن المذكر فيه لأنه (لو تميز) (٦) لتميّز (٧) الفاعل عن المفعول قبل تمييز المؤنث والمذكر ، لأن الفاعل جزء من الكلام محتاج إليه ، والمفعول فيه فائدة أكيدة وإن لم يكن جزءا من الكلام محتاجا إليه ، فأول ما يحصل في الفعل الفاعل ثم التذكير والتأنيث يصير كالصفة للفاعل (والمفعول) (٨) تقول : فاعل وفاعلة ، ومفعول ومفعولة ، ويدل على ذلك أيضا أن التمييز بين الفاعل والمفعول جعل بحرف ممازج للكلمة فقيل : فاعل بألف فاصلة بين الفاء والعين التي هي من أصل الكلمة ، وقيل : مفعول بواو فاصلة بين العين واللام والتأنيث كان بحرف في آخر الكلمة ، فالمميز فيهما (٩) غيّر نظم الكلمة لشدّة الحاجة (وفي (١٠) التأنيث) لم يؤثر ، ولأن التمييز في الفاعل والمفعول كان بأمرين يختص كلّ واحد منهما بأحدهما فالألف بعد الفاء يختص بالفاعل ، والميم والواو يختص بالمفعول والتمييز في التذكير والتأنيث بحرف (واحد (١١) عند) وجوده يميز المؤنث وعدمه يبقي اللفظ على أصل التذكير فإذا لم يكن «فعيل» يمتاز فيه الفاعل عن المفعول إلا بأمر منفصل كذلك (المؤنث (١٢) والمذكر لا يمتاز أحدهما عن الآخر إلا بحرف غير متصل به (١٣).
__________________
(١) وانظر في كل هذا تفسير العلامة الرازي ٢٨ / ٢٢١ و ٢٢٢.
(٢) كذا هو الأصح وفي النسختين الفعل وهو تحريف غير مقصود بل يقصد الفعيل وهو العقيم.
(٣) زيادة لا بدّ منها من الرازي والعرف اللّغوي فقد سقطت من النّسختين.
(٤) فعيل يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا علم الموصوف ، تقول : امرأة جريح ورجل جريح ، وتلك الصيغة ـ هي وغيرها مما حدده أهل اللغة ـ ليست قياسية. وجعل بعض العلماء فعيلا لكثرتها قياسيا فيما ليس له فعيل بمعنى فاعل ، فإن كان قد ورد من المصدر فعيل بمعنى فاعل كحفيظ وقدير لا يأتي منه فعيل بمعنى مفعول قياسا خوف اللبس (بتصرف من التبيان ٧٠).
(٥) في النسختين فعل. والأصح ما أثبته صرفا ونحوا.
(٦) زيادة من الرازي عن النسختين لتوضيح السياق وبيان مراده.
(٧) في النسختين : لتمييز والصواب ما أثبت من لفظ الفعليّة.
(٨) زيادة من الرازي للسياق.
(٩) أي في فاعل ومفعول.
(١٠) زيادة من الرازي والسياق للتوضيح للمراد.
(١١) كلمة واحد وجدت في ب فقط وكلمة «عند» زيادة على النسختين من الرازي.
(١٢) ما بين القوسين كله سقط من أووجد في ب والرازي.
(١٣) وانظر بالمعنى قليلا تفسير الرازي ٢٨ / ٢٢٢.