يتخول أصحابه بالموعظة (١) والثاني : جعله يخول من خال يخول إذا اختال وافتخر ، وفي معناه قول العرب :
إنّ الغنىّ طويل الذّيل ميّاس
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ)(٨)
(ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ) أى نسى الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه. وقيل : نسى ربه الذي كان يتضرع إليه ويبتهل إليه ، وما بمعنى من ، كقوله تعالى (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) وقرئ : ليضل ، بفتح الباء وضمها ، بمعنى أنّ نتيجة جعله لله أندادا ضلاله عن سبيل الله أو إضلاله. والنتيجة : قد تكون غرضا في الفعل ، وقد تكون غير غرض. وقوله (تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ) من باب الخذلان والتخلية ، كأنه قليل له : إذ قد أبيت قبول ما أمرت به من الإيمان والطاعة ، فمن حقك ألا تؤمر به بعد ذلك ، وتؤمر بتركه : مبالغة في خذلانه وتخليته وشأنه. لأنه لا مبالغة في الخذلان ، لأن أشدّ من أن يبعث على عكس ما أمر به. ونظيره في المعنى قوله (مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ).
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٩)
قرئ. أمن هو قانت بالتخفيف على إدخال همزة الاستفهام على من ، وبالتشديد على إدخال «أم» عليه. ومن مبتدأ خبره محذوف ، تقديره : أمن هو قانت كغيره ، وإنما حذف لدلالة الكلام عليه ، وهو جرى ذكر الكافر قبله. وقوله بعده (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) وقيل : معناه أمن هو قانت أفضل أمن هو كافر. أو أهذا أفضل أمن هو قانت على الاستفهام المتصل. والقانت : القائم بما يجب عليه من الطاعة. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «أفضل الصلاة طول القنوت» (٢) وهو القيام فيها. ومنه القنوت في الوتر ، لأنه دعاء المصلى
__________________
(١) متفق عليه من حديث ابن مسعود وأتم منه.
(٢) أخرجه مسلم من طريق أبى الزبير عن جابر. ورواه الطحاوي من هذا الوجه بلفظ «طول القيام» وكذا هو في حديث عبد الله بن جعفر بلفظ «سئل أى الصلاة أفضل؟ قال : طول القيام».