قوله (وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) من القائل ذلك؟ قلت : المقضى بينهم إما جميع العباد وإما الملائكة ، كأنه قيل : وقضى بينهم بالحق ، وقالوا الحمد لله على قضائه بيننا بالحق ، وإنزال كل منا منزلته التي هي حقه. عن عائشة رضى الله عنها : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ كل ليلة بنى إسرائيل والزمر (١)
سورة المؤمن
مكية. قال الحسن : إلا قوله وسبح بحمد ربك ، لأن الصلوات نزلت بالمدينة وقد قيل في الحواميم كلها : أنها مكيات : عن ابن عباس وابن الحنفية وهي خمس وثمانون آية ، وقيل ثنتان وثمانون [نزلت بعد الزمر]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ)(٣)
قرئ بإمالة ألف «حا» وتفخيمها ، وبتسكين الميم وفتحها. ووجه الفتح : التحريك لالتقاء الساكنين ، وإيثار أخف الحركات ، نحو أين وكيف أو النصب بإضمار اقرأ ومنع الصرف للتأنيث والتعريف أو للتعريف وأنها على زنة أعجمى نحو قابيل وهابيل. التوب والثوب والأوب : أخوات في معنى الرجوع والطول والفضل والزياد. يقال : لفلان على فلان طول ، والإفضال. يقال : طال عليه وتطوّل ، إذا تفضل. فإن قلت : كيف اختلفت هذه الصفات تعريفا وتنكيرا ، والموصوف معرفة يقتضى أن يكون مثله معارف؟ قلت : أمّا غافر الذنب وقابل التوب فمعرفتان ، لأنه لم يرد بهما حدوث الفعلين ، وأنه يغفر الذنب ويقبل التوب الآن. أو غدا حتى يكونا في
__________________
(١) أخرجه النسائي من رواية حماد بن زيد عن أبى أمامة عن عائشة في أثناء حديث ، وأخرجه أحمد وإسحاق وأبو يعلى والترمذي والحاكم والبيهقي في الشعب في التاسع عشر من هذا الوجه.