ومن قال :
فأصبحت مثل كعصف مأكول (١)
__________________
لخطام المجاشعي. والآي : واحده آية ، أى : علامة. ويحلين : مضارع مبنى للمجهول ، من حليته تحلية : إذا وصفت حليته وصفته. يقول : لم يبق من آثار هذه الديار علامات فيها تذكر صفتها غير رماد وعظام متكاثفين متراكمين. والكشف ـ بالتحريك ـ : كسبب : المجتمع ، فلعله سكنه للوزن. وروى : غير رماد وخطام كثفين. والخطام : الزمام. ويروى بالمهملة ، وهو ما تحطم وتكسر من الحطب اليابس. والكثف ـ كحمل ـ : وعاء الرعي فكثفين على حذف العاطف. وقيل بدل مما قبله. والأوجه روايته وخطام كثفين بالاضافة ، لأجل موافقة القوافي أى : ورباط وعاءين ، وكرر أداة الاستثناء للتوكيد. والود : أصله وتد ، فقلبت التاء دالا وأدغمت في الأخرى عند تميم شذوذا. والجادل : المنتصب والغليظ ، أى : لم يق غير وتد منتصب بها أو وتدين لا غير ، حيث لم يشك إلا في ذلك. والصاليات صفة للاثافى. وقيل : صفة للنساء الموقدات للنار : وقيل : صفة للخيل الصاليات للحرب كالأثافى الصاليات للنار ، لكنهما لا يناسبان وصف الدار بالخلو. والأثفية : حجر الكانون ، وزنها : أفعولة في الأصل ، وجمعها أثافى. وأثفيت للقدر : وضعت الأثافى لها. وثفيتها تثفية : وضعتها على الأثافى. وقوله : يؤثفين مضارع مبنى للمجهول ، جاء على الأصل مهموزا ، كيؤكر من بالهمزة ، وهذا يدل على أن الصاليات صفة للأحجار الملازمات للنار المحترقات بها ، فلعله شبه النساء بالأثافى لدمامتهن وسوادهن ، بكثرة الدخان وملازمتهن النار. وعليه فالمعنى : ونساء صاليات كالأحجار تثفى وتوضع للقدر ، فما موصولة واقعة على الأحجار لا مصدرية ولا كافة ، وكرر كاف التشبيه للتوكيد ، لكن الثانية اسم بمعنى مثل ، لأن حرف الجر لا يدخل على مثله. ويمكن أنه كرر الحرف من غير إعادة المجرور شذوذا. ويروى بعد قوله وصاليات ... الخ
لا يشتكين عملا ما أنقين |
|
ما دام مخ في سلامى أو عين |
وهو يناسب القول بأنها صفة للنساء أو الخيل على التشبيه السابق. والانقاء : كثرة النقي بالكسر وهو المخ. يقال:أنقت الإبل إذا سمنت وكثر مخها ، أى : لا يشتكين عملا مدة إنقائهن وسمنهن ، وفسر ذلك بقوله : ما دام مخ ... الخ والسلاميات : عظام الأصابع وهي والعين آخر ما يبقى فيه المخ. ويروى أيضا هكذا :
أهل عرفت الدار بالغريين |
|
وصاليات ككما يؤثفين |
والغريان : بناء ان طويلان ، يقال : هما قبرا مالك وعقيل : نديمى جذيمة الأبرش ، سميا بذلك لأن النعمان كان يغريهما يمن يريد قتله إذا خرج يوم بؤسه. والأشبه أن ذلك من تخليط الراوي ، وأن الصاليات : الأحجار. وقوله «لا يشتكين ... الخ» ليس من هذا الرجز ، فلا ينبغي روايته معه ، وهو الذي من صفة الخيل ، أو أصل النساء لا الصاليات. ويجوز أن الرجز هكذا :
أهل عرفت الدار بالغريين |
|
لم يبق من آي بها يحلين |
وأن قوله «لا يشتكين ... الخ» من موضع آخر من ذلك الرجز في صفة الخيل ، كما رواه صاحب الكافي شاهدا على الأكفاء في القافية هكذا :
بنات وطاء على خد الليل |
|
لا يشتكين عملا ما أنقين |
لاختلاف حرفى الروى. والوطاء ـ بالضم والتشديد ـ : من الوطء على الأرض. وخد الليل : طريقه الذي لا يسلك إلا فيه. وقال بعضهم : إن هذا في صفة الخيل ، وأنه من مشطور المنسرح الموقوف. وعلى أنه في صفة أجل ، أى : فلك المطايا بنات نوق أو فحول ، وطاء : جمع واطئ أو واطئة ، على خد الليل : كناية عن قوتهن في السير ، حتى كأنهن يغلبن الليل ، فيصر عنه ويطأن على خده ، فهن لا يبالين به.
(١) بالأمس كانت في رخاء مأمول |
|
فأصبحت مثل كعصف مأكول |
يروى لرؤية بدله :