أن الرهو الفجوة الواسعة. وعن بعض العرب : أنه رأى جملا فالجا (١) فقال : سبحان الله ، رهو بين سنامين ، أى : اتركه مفتوحا على حاله منفرجا (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) وقرئ بالفتح ، بمعنى : لأنهم.
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ)(٢٧)
والمقام الكريم : ما كان لهم من المجالس والمنازل الحسنة. وقيل : المنابر. والنعمة ـ بالفتح ـ من التنعم ، وبالكسر ـ من الإنعام. وقرئ : فاكهين وفكهين.
(كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ)(٢٩)
(كَذلِكَ) الكاف منصوبة على معنى : مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها (وَأَوْرَثْناها) أو في موضع الرفع على الأمر كذلك (قَوْماً آخَرِينَ) ليسوا منهم في شيء من قرابة ولا دين ولا ولاء ، وهم بنو إسرائيل : كانوا متسخرين مستعبدين في أيديهم ، فأهلكهم الله على أيديهم ، وأورثهم ملكهم وديارهم. إذا مات رجل خطير قالت العرب في تعظيم مهلكه : بكت عليه السماء والأرض ، وبكته الريح ، وأظلمت له الشمس. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما من مؤمن مات في غربة غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض» (٢) وقال جرير :
تبكى عليك نجوم اللّيل والقمرا (٣)
__________________
(١) قوله «أنه رأى جملا فالجا» في الصحاح «الفالج» ؛ الضخم ذو السنامين. (ع)
(٢) أخرجه البيهقي في الشعب في السبعين منه والطبري والثعلبي من حديث شريح بن عبيد الحضرمي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الإسلام بدأ غريبا ، وسيعود غريبا إلا غربة على مؤمن. ما مات مؤمن في غربة غائب عنه فيها بواكيه ـ الحديث»
(٣) نعى النعاة أمير المؤمنين لنا |
|
يا خير من حج بيت الله واعتمرا |
حملت أمرا عظيما فاصطبرت له |
|
وقمت فيه بأمر الله يا عمرا |
الشمس طالعة ليست بكاسفة |
|
تبكى عليك نجوم الليل والقمرا |
لجرير ، يرثى عمر بن عبد العزيز. والنعي : النداء بالموت. وقوله «يا خير» حكاية قول النعاة ، أى : قائلين يا خير ، ويحتمل أنه من كلام الشاعر ، ففيه التفات. والأمر العظيم : الخلافة ومشاقها : شبهها بالمحسوس على طريق المكنية. والتحصيل : تخييل. وأمر الله : شرعه ، أو اكتفى به عن ذكر النهى لدلالته عليه. وعمرا : منادى مندوب ، وألف