يغدو أحدكم في حلة ويروح في أخرى ، ويغدى عليه بجفنة ويراح عليه بأخرى ، ويستر بيته كما تستر الكعبة. قالوا : نحن يومئذ خير. قال. بل أنتم اليوم خير (١) وقرئ : أذهبتم بهمزة الاستفهام. وآ أذهبتم بألف بين همزتين ، الهون. والهوان : وقرئ عذاب الهوان ، وقرئ يفسقون بضم السين وكسرها.
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(٢١)
الأحقاف : جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع فيه انحناء ، من احقوقف الشيء إذا اعوج ، وكانت عاد أصحاب عمد يسكنون بين رمال مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر من بلاد اليمن. وقيل : بين عمان ومهرة. و (النُّذُرُ) جمع نذير بمعنى المنذر أو الإنذار (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) من قبله (وَمِنْ خَلْفِهِ) ومن بعده. وقرئ : من بين يديه ومن بعده. والمعنى : أنّ هودا عليه السلام قد أنذرهم فقال لهم : لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم العذاب ، وأعلمهم أنّ الرسل الذين بعثوا قبله والذين سيبعثون بعده كلهم منذرون نحو إنذاره وعن ابن عباس رضى الله عنه : يعنى الرسل الذين بعثوا قبله والذين بعثوا في زمانه. ومعنى (وَمِنْ خَلْفِهِ) على هذا التفسير ومن بعد إنذاره ، هذا إذا علقت ، وقد خلت النذر بقوله : أنذر قومه ، ولك أن تجعل قوله تعالى (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ) اعتراضا بين أنذر قومه وبين (أَلَّا تَعْبُدُوا) ويكون المعنى : واذكر إنذار هود قومه عاقبة الشرك والعذاب العظيم ؛ وقد أنذر من تقدمه من الرسل ومن تأخر عنه مثل ذلك ، فاذكرهم.
(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(٢٢)
الإفك : الصرف. يقال أفكه عن رأيه (عَنْ آلِهَتِنا) عن عبادتها (بِما تَعِدُنا) من معاجلة العذاب على الشرك (إِنْ كُنْتَ) صادقا في وعدك.
(قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ)(٢٣)
فإن قلت : من أين طابق قوله تعالى (إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ) جوابا لقولهم (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا)؟
__________________
(١) أخرجه الطبري من رواية سعد عن قتادة قال : ذكر لنا. فذكره. ومن طريقه الشعبي. ورواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أهل الصفة من طريق الحسن قال «حسب أضعاف المسلمين» فذكر نحوه مطولا وفي الترمذي من طريق محمد بن كعب القرظي : حدثني من سمع على بن أبى طالب رضى الله عنه قال : بينا نحن جلوس في المسجد إذ طلع علينا مصعب بن عمير ما عليه إلا بردة له مرقوعة بفرو. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى للذي كان فيه من النعمة. ثم قال : كيف بكم ... الحديث نحوه».