ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(٣٢)
(صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً) أملناهم إليك وأقبلنا بهم نحوك. وقرئ : صرفنا بالتشديد ، لأنهم جماعة. والنفر : دون العشرة. ويجمع أنفارا. وفي حديث أبى ذر رضى الله عنه : لو كان هاهنا أحد من أنفارنا (١) (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) الضمير للقرآن. أى : فلما كان بمسمع منهم. أو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعضده قراءة من قرأ (فَلَمَّا قُضِيَ) أى أتمّ قراءته وفرع منها (قالُوا) قال بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) اسكتوا مستمعين. يقال : أنصت لكذا واستنصت له. روى أنّ الجنّ كانت تسترق السمع ، فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا : ما هذا إلا لنبإ حدث ، فنهض سبعة نفر أو تسعة من أشراف جنّ نصيبين أو نينوى : منهم زوبعة ، فضربوا حتى بلغوا تهامة ، ثم اندفعوا إلى وادى نخلة ، فوافقوا (٢) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم في جوف الليل يصلى أو في صلاة الفجر ، فاستمعوا لقراءته ، وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج إليهم يستنصرهم فلم يجيبوه إلى طلبته وأغروا به سفهاء ثقيف (٣). وعن سعيد بن جبير رضى الله عنه : ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم ، وإنما كان يتلو في صلاته فمروا به فوقفوا مستمعين وهو لا يشعر ، فأنبأه الله باستماعهم (٤). وقيل : بل أمر الله رسوله أن ينذر الجنّ ويقرأ عليهم فصرف إليه نفرا منهم جمعهم له فقال : إنى أمرت أن أقرأ على الجنّ الليلة فمن يتبعني : قالها ثلاثا ، فأطرقوا إلا عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : لم يحضره ليلة الجنّ أحد غيرى ، فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى مكة في شعب الحجون فخط لي خطا وقال : لا تخرج منه حتى أعود إليك ، ثم افتتح القرآن وسمعت لغطا شديدا حتى خفت
__________________
(١) هذا طرف من قصة إسلام أبى ذر رضى الله عنه من رواية عبد الله بن الصامت عن أبى ذر ذكره مطولا. وفيه : فبينا أنا في ليلة قمراء ختموانية وقد ضرب الله على أهل مكة فما يطوف غير امرأتين ، فأتيا على فذكر القصة. وفيه ثم انطلقتا يولولان. ويقولان لو كان هاهنا أحد من أنصارنا» أخرجه مسلم مطولا.
(٢) قوله «فوافقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لعله : فوافوا. (ع)
(٣) متفق عليه بمعناه من رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس دون أوله. ودون قوله «وكانوا تسعة نفر أحدهم زوبعة» ودون قوله «في جوف الليل يصلى» ودون قوله «من نينوى» ودون قوله «عند منصرفه إلى آخره» وأما زوبعة فأخرجه الحاكم من رواية ذر عن ابن مسعود قال «هبطوا ـ يعنى الجن ـ على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة. فلما سمعوه قالوا أنصتوا. وكانوا تسعة أحدهم زوبعة. فأنزل الله (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ ـ) الآية وقوله «نينوى» أخرجه الطبري من رواية قتادة في هذه الآية قال : ذكر لنا أنهم صرفوا إليه من نينوى الحديث».
(٤) متفق عليه من رواية سعيد بن جبير ، وهو في الذي قبله.