سورة الصافات
مكية ، وهي مائة وإحدى وثمانون آية ، وقيل : واثنتان وثمانون
[نزلت بعد الأنعام]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (٣) إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ)(٤) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ)(٥)
أقسم الله سبحانه بطوائف الملائكة أو بنفوسهم الصافات أقدامها في الصلاة ، من قوله تعالى (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) أو أجنحتها في الهواء واقفة منتظرة لأمر الله (فَالزَّاجِراتِ) السحاب سوقا (فَالتَّالِياتِ) لكلام الله من الكتب المنزلة وغيرها. وقيل (الصَّافَّاتِ) : الطير ، من قوله تعالى (وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ) والزاجرات : كل ما زجر عن معاصى الله. والتاليات : كل من تلا كتاب الله. ويجوز أن يقسم بنفوس العلماء العمال الصافات أقدامها في التهجد وسائر الصلوات وصفوف الجماعات ، فالزاجرات بالمواعظ والنصائح ، فالتاليات آيات الله والدارسات شرائعه. أو بنفوس قواد الغزاة في سبيل الله التي تصف الصفوف وتزجر الخيل للجهاد ، وتتلو الذكر (١) مع ذلك لا تشغلها
__________________
(١) قال محمود : «المقسم به طوائف الملائكة أو نفوسهم ، والمراد صفهم في الصلاة وزجرهم السحاب أى سوقهم وتلاوتهم ذكر الله أو العلماء والمراد تصافف أقدامهم في الصلاة وزجرهم بالمواعظ عن المعاصي وتلاوتهم الذكر ...... إلى أن قال : ... «ويكون التفاصل بين الطوائف إما على أن الأول هو الأفضل أو على العكس» قال أحمد : قد جوز أن يكون ترتيبها في التفاضل على أن الأول وهو الأفضل وعلى العكس ، ولم يبين وجه كل واحد منهما من حيث صنعة البديع ، ونحن نبينه فنقول : وجه البداءة بالأفضل الاعتناء بالأهم. فقدم ، ووجه عكس هذا الترقي من الأدنى إلى الأعلى ، ومنه قوله :
بها ليل منهم جعفر وابن أمه |
|
على ومنهم أحمد المنخير |
ولا يقال : إن هذا إنما ساغ لأن الواو لا تقتضي رتبة ، فان هذا غايته أنه عذر ، وما ذكرناه بيان لما فيه من مقتضى البديع والبلاغة ، وفي هذه الآية دلالة على مذهب سيبويه والخليل في مثل (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) فإنهما يقولان : الواو الثانية وما بعدها عواطف ، وغيرهما يذهب إلى أنها حروف قسم ، فوقوع الفاء في هذه الآية موقع الواو والمعنى واحد ، إلا أن ما تزيده الفاء من ترتيبها دليل واضح على أن الواو الواقعة في مثل هذا السياق للعطف لا للقسم.