عباس رضى الله عنه : أظهر الله المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوهم البيوت. وقرئ : تعملون ، بالتاء والياء.
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً)(٢٥)
وقرئ : والهدى ، والهدى : بتخفيف الياء وتشديدها ، وهو ما يهدى إلى الكعبة : بالنصب عطفا على الضمير المنصوب في صدّوكم. أى : صدّوكم وصدّوا الهدى وبالجر عطفا على المسجد الحرام. بمعنى : وصدّوكم عن نحر الهدى (مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) محبوسا عن أن يباع ، وبالرفع على : وصدّ الهدى. ومحله : مكانه الذي يحل فيه نحره ، أى يجب. وهذا دليل لأبى حنيفة على أن المحصر محل هديه الحرم. فإن قلت : فكيف حل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه وإنما نحر هديهم بالحديبية؟ قلت : بعض الحديبية من الحرم (١). وروى أن مضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في الحل ، ومصلاه في الحرم (٢). فإن قلت : فإذن قد نحر في الحرم ، فلم قيل : (مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ)؟ قلت : المراد المحل المعهود وهو منى (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ) صفة الرجال والنساء جميعا. و (أَنْ تَطَؤُهُمْ) بدل اشتمال منهم أو من الضمير
__________________
ـ قال «لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهدى وانتهي إلى ذى الحليفة : قال له نمر : يا نبى الله تدخل على حرب قوم حرب لك بغير سلاح ولا كراع. قال : فبعث إلى المدينة فلم يدع فيها كراعا ولا سلاحا إلا حمله. فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل فسار حتى أتى منى فنزل بها. فأتاه عتبة بن عكرمة بن أبى جهل ، قد خرج عليه في خمسمائة. فقال لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل. فقال خالد : أنا سيف الله ورسوله فيومئذ سمى سيف الله ، يا رسول الله ارم بن أين شئت ، فبعثه على خيل ، فلقى عكرمة في الشعب ، فهزمه ، حتى أدخله حيطان مكة ـ الحديث» وأخرجه ابن أبى حاتم من هذا الوجه وفي صحته نظر ، لأن خالدا لم يكن أسلم في الحديبية وظاهر السياق أن هذه القصة كانت في الحديبية. فلو كانت في عمرة القضية لأمكن ، مع أن المشهور أنهم فيها لم يمانعوه ولم يقاتلوه.
(١) أخرجه البخاري من حديث ابن عمر قال : «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت ، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية» وفيه من رواية المسور ومروان «أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا» قال البخاري : والحديبية خارج الحرم.
(٢) أخرجه أحمد من رواية المسور ومروان. في أثناء الحديث الطويل. قال «وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى في الحرم. وهو مضطرب في الحل»