أراد : ولكن قميصي درع ، وكذلك :
ولو في عيون النّازيات بأكرع (١)
أراد : ولو في عيون الجراد. ألا ترى أنك لو جمعت بين السفينة وبين هذه الصفة ، أو بين الدرع والجراد وهاتين الصفتين : لم يصح ، وهذا من فصيح الكلام وبديعه. والدسر : جمع دسار : وهو المسمار ، فعال من دسره إذا دفعه ، لأنه يدسر به منفذه (جَزاءً) مفعول له لما قدم من فتح أبواب السماء وما بعده ، أى فعلنا ذلك جزاء (لِمَنْ كانَ كُفِرَ) وهو نوح عليه السلام ، وجعله مكفورا لأنّ النبي نعمة من الله ورحمة. قال الله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) فكان نوح عليه السلام نعمة مكفورة ، ومن هذا المعنى ما يحكى أنّ رجلا قال للرشيد : الحمد لله عليك ، فقال : ما معنى هذا الكلام؟ قال : أنت نعمة حمدت الله عليها. ويجوز أن يكون على تقدير حذف الجار وإيصال الفعل. وقرأ قتادة: كفر ، أى جزاء للكافرين. وقرأ الحسن : جزاء ، بالكسر : أى مجازاة. الضمير في (تَرَكْناها) للسفينة. أو للفعلة ، أى : جعلناها آية يعتبر بها. وعن قتادة : أبقاها الله بأرض الجزيرة. وقيل : على الجودي دهرا طويلا ، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة. والمدكر : المعتبر. وقرئ : مذتكر ، على الأصل. ومذكر ، بقلب التاء ذالا وإدغام الذال فيها. وهذا نحو : مذجر. والنذر : جمع نذير وهو الإنذار (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ) أى سهلناه للادكار والاتعاظ ، بأن شحناه بالمواعظ الشافية وصرفنا فيه من الوعد والوعيد (فَهَلْ مِنْ) متعظ. وقيل : ولقد سهلناه للحفظ وأعنا عليه من أراد حفظه ، فهل من طالب لحفظه ليعان عليه. ويجوز أن يكون المعنى : ولقد هيأناه للذكر ، من يسر ناقته للسفر : إذا رحلها ، ويسر فرسه للغزو ، إذا أسرجه وألجمه. قال :
وقمت إليه باللجام ميسرا |
|
هنالك يجزيني الّذى كنت أصنع (٢) |
__________________
ـ يعنى أنه ليس من أهل التنعم ، بل من أهل البدو والغزو. والاستدراك من باب استتباع المدح بما يشبه الذم ، مبالغة في المدح.
(١) وإنى لأستوفى حقوقي جاهدا |
|
ولو في عيون النازيات بأكرع |
يقول : ولا بد من الاجتهاد في تخليص حقوقي وأخذها ، ولو كانت في أخفى مكان وأبعده كعيون الجراد النازيات الواثبات بأكرع ، أى أرجل دقيقة جمع كراع : فحذف الموصوف وكنى عنه بالنازيات صفته لجريانها مجرى الاسم. وقيل :
المعنى لا بد من أخذ إبلى ولو كانت هزالا جدا بحيث ترى في عيون الجراد لصغرها ، أى : ولو كانت كأنها كذلك
(٢) أرى أم سهل لا تزال نفجع |
|
تلوم وما أدرى علام توجع |
تلوم على أن أمنح الورد لقحة |
|
وما تستوي والورد ساعة تفزع |
إذا هي قامت حاسرا مشمعلة |
|
نخيب الفؤاد رأسها ما يقنع |
وقمت إليه باللجام مبسرا |
|
هنالك يجزيني الذي كنت أصنع |