نعمته بالشكر في وقت المهلة والفسحة ، لينفعه ذلك عنده تعالى في المضايق والشدائد (لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ) الظاهر لبثه فيه حيا إلى يوم البعث. وعن قتادة : لكان بطن الحوت له قبرا إلى يوم القيامة. وروى أنه حين ابتلعه أوحى الله إلى الحوت : إنى جعلت بطنك له سجنا ، ولم أجعله لك طعاما. واختلف في مقدار لبثه ، فعن الكلبي : أربعون يوما ، وعن الضحاك : عشرون يوما. وعن عطاء سبعة. وعن بعضهم : ثلاثة. وعن الحسن : لم يلبث إلا قليلا ، ثم أخرج من بطنه بعيد الوقت الذي التقم فيه. وروى أنّ الحوت سار مع السفينة رافعا رأسه يتنفس فيه يونس ويسبح ، ولم يفارقهم حتى انتهوا إلى البر ، فلفظه سالما لم يتغير منه شيء ، فأسلموا : وروى أن الحوت قذفه بساحل قرية من الموصل. والعراء : المكان الخالي لا شجر فيه ولا شيء يغطيه (وَهُوَ سَقِيمٌ) اعتلّ مما حلّ به. وروى أنه عاد بدنه كبدن الصبى حين يولد. واليقطين : كل ما ينسدح على وجه الأرض ولا يقوم على ساق كشجر البطيخ والقثاء والحنظل ، وهو «يفعيل» من قطن بالمكان إذا أقام به. وقيل : هو الدباء. وفائدة الدباء أن الذباب لا يجتمع عنده ـ وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لتحب القرع. قال «أجل هي شجرة أخى يونس» (١) وقيل : هي التين ، وقيل : شجرة الموز ، تغطى بورقها ، واستظلّ بأغصانها ، وأفطر على ثمارها. وقيل : كان يستظل بالشجرة وكانت وعلة (٢) تختلف إليه ، فيشرب من لبنها. وروى أنه مرّ زمان على الشجرة فيبست ، فبكى جزعا ، فأوحى الله إليه : بكيت على شجرة ولا تبكى على مائة ألف في يد الكافر ، فإن قلت : ما معنى (وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً)؟ قلت : أنبتناها فوقه مظلة له ، كما يطنب البيت على الإنسان (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ) المراد به ما سبق من إرساله إلى قومه وهم أهل نينوى. وقيل : هو إرسال ثان بعد ما جرى عليه إلى الأولين. أو إلى غيرهم وقيل : أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى ، لأن النبىّ إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيما فيهم ، وقال لهم : إن الله باعث إليكم نبيا (أَوْ يَزِيدُونَ) في مرأى الناظر ؛ أى. إذا رآها الرائي قال : هي مائة ألف أو أكثر ، والغرض : الوصف بالكثرة (إِلى حِينٍ) إلى أجل مسمى وقرئ : ويزيدون ، بالواو. وحتى حين.
(فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ
__________________
(١) لم أجده. وأخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود في قصة يونس قال عبد الله : قال النبي صلى الله عليه وسلم ... واليقطين القرع.
(٢) قوله «وكانت وعلة» يقال : هي شاة جبلية. (ع)