ومنه قوله عليه السلام «يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى» (١) وعن الحسن : أنه سئل عن ذلك فقال : علم الله براءتهم فأهلكهم بغير عذاب. وقيل : أعقم الله أرحام نسائهم وأيبس أصلاب آبائهم قبل الطوفان بأربعين أو سبعين سنة ، فلم يكن معهم صبى حين أغرقوا. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة نوح كان من المؤمنين الذين تدركهم دعوة نوح عليه السلام» (٢).
سورة الجنّ
مكية ، وآياتها ٢٨ [نزلت بعد الأعراف]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً)(٥)
قرئ : أحى ، وأصله وحى ، يقال : أوحى إليه ووحى إليه ، فقلبت الواو همزة ، كما يقال : أعد وأزن (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة ، وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضا كإشاح وإسادة ، وإعاء أخيه ، وقرأ ابن أبى عبلة : وحى على الأصل (أَنَّهُ اسْتَمَعَ) بالفتح ، لأنه فاعل أوحى. وإنا سمعنا : بالكسر : لأنه مبتدأ محكي بعد القول ، ثم تحمل عليهما البواقي ، فما كان من الوحى فتح ، وما كان من قول الجنّ كسر : وكلهن من قولهم إلا الثنتين الأخريين (وَأَنَّ الْمَساجِدَ) ، (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ) ومن فتح كلهنّ فعطفا
__________________
(١) أخرجه مسلم من طريق ابن الزبير عن عائشة رضى الله عنها.
(٢) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بأسانيدهم إلى أبى بن كعب.