سورة المزمل
مكية [إلا الآيات ١٠ و ١١ و ٢٠ فمدنية]
وآياتها ١٩ وقيل ٢٠ [نزلت بعد القلم]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)(٤)
(الْمُزَّمِّلُ) المتزمّل ، وهو الذي تزمّل في ثيابه : أى تلفف بها ، بإدغام التاء في الزاى : ونحوه : المدثر في المتدثر. وقرئ : المتزمّل على الأصل ؛ والمزمل بتخفيف الزاى وفتح الميم وكسرها. على أنه اسم فاعل أو مفعول ، من زمله ، وهو الذي زمله غيره أو زمل نفسه ؛ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما بالليل متزمّلا في قطيفة ، فنبه ونودي بما يهجن إليه (١) الحالة التي كان عليها من التزمل في قطيفته واستعداده للاستثقال في النوم ، كما يفعل من لا يهمه أمر ولا يعنيه شأن. ألا ترى إلى قول ذى الرمّة :
وكائن تخطّت ناقتي من مفازة |
|
ومن نائم عن ليلها متزمّل (٢) |
__________________
(١) قال محمود : «هو المتلفف في ثيابه كالمدثر ونودي بما يهجن إليه ... الخ» قال أحمد : أما قوله الأول أن نداءه بذلك تهجين للحالة التي ذكر أنه كان عليها واستشهاده بالأبيات المذكورة. فخطأ وسوء أدب. ومن اعتبر عادة خطاب الله تعالى له في الإكرام والاحترام : علم بطلان ما تخيله الزمخشري ، فقد قال العلماء : أنه لم يخاطب باسمه نداء ، وأن ذلك من خصائصه دون سائر الرسل إكراما له وتشريفا ، فأين تداؤه بصيغة مهجنة من نسائه ، باسمه ، واستشهاده على ذلك بأبيات قيلت ذما في جفاة حفاة من الرعاء ، فأنا أبرأ إلى الله من ذلك وأربأ به صلى الله عليه وسلم ، ولقد ذكرت بقوله :
أوردها سعد وسعد مشتمل
ما وقعت عليه من كلام ابن خروف النحوي يرد على الزمخشري ويخطئ رأيه في تصنيفه المفصل ، وإجحامه في الاختصار بمعاني كلام سيبويه ، حتى سماه ابن خروف : البرنامج ، وأنشد عليه :
أوردها سعد وسعد مشتمل |
|
ما هكذا تورد يا سعد الإبل |
وأما ما نقله أن ذلك كان في مرط عائشة رضى الله عنها فبعيد ، فان السورة مكية ، وبنى النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضى الله عنها بالمدينة. والصحيح في الآية ما ذكره آخرا ، لأن ذلك كان في بيت خديجة عند ما لقبه جبريل أول مرة ، فبذلك وردت الأحاديث الصحيحة ، والله أعلم.
(٢) لذي الرمة. وكائن : بمعنى كم الخيرية ، والأكثر استعمالها مع «من» كقول : وكائن من كذا. والمتزمل