استئناف على تقدير السؤال عن وجه النسخ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) يعنى المفروضة والزكاة الواجبة وقيل : زكاة الفطر ، لأنه لم يكن بمكة زكاة. وإنما وجبت بعد ذلك ، ومن فسرها بالزكاة الواجبة جعل آخر السورة مدنيا (وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً) يجوز أن يريد : سائر الصدقات وأن يريد : أداء الزكاة على أحسن وجه : من إخراج أطيب المال وأعوده على الفقراء ، ومراعاة النية وابتغاء وجه الله ، والصرف إلى المستحق ، وأن يريد : كل شيء يفعل من الخيز مما يتعلق بالنفس والمال (خَيْراً) ثانى مفعولي وجد. وهو فصل. وجاز وإن لم يقع بين معرفتين ، لأنّ أفعل من أشبه في امتناعه من حرف التعريف المعرفة. وقرأ أبو السمال : هو خير وأعظم أجرا ، بالرفع على الابتداء والخبر : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة المزمّل دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة» (١).
سورة المدثر
مكية ، وهي ست وخمسون آية [نزلت بعد المزمل]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (٥)
(الْمُدَّثِّرُ) لابس الدثار ، وهو ما فوق الشعار : وهو الثوب الذي يلي الجسد. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام «الأنصار شعار والناس دثار» (٢) وقيل : هي أوّل سورة نزلت. وروى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كنت على جبل حراء فنوديت : يا محمد ، إنك رسول الله ، فنظرت عن يمينى ويساري فلم أر شيأ ، فنظرت فوقى فرأيت شيأ» (٣). وفي
__________________
ـ من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله ذكر عمر أو غيره قال «ما خلق الله إلى آخره».
(١) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بسندهم إلى أبى رضى الله عنه.
(٢) تقدم في آل عمران.
(٣) متفق عليه من رواية أبى سلمة عنه وأتم منه.