سورة ص
مكية ، وهي ست وثمانون آية ، وقيل ثمان وثمانون آية
[نزلت بعد القمر]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ)(٢)
(ص) على الوقف وهي أكثر القراءة. وقرئ بالكسر والفتح لالتقاء الساكنين ، ويجوز أن ينتصب بحذف حرف القسم وإيصال فعله ، كقولهم : الله لأفعلنّ ، كذا بالنصب ، أو بإضمار حرف القسم ، والفتح في موضع الجرّ ، كقولهم : الله لأفعلنّ ، بالجرّ وامتناع الصرف للتعريف والتأنيث ، لأنها بمعنى السورة ، وقد صرفها من قرأ (ص) بالجرّ والتنوين على تأويل الكتاب والتنزيل : وقيل : فيمن كسر هو من المصاداة وهي المعارضة والمعادلة. ومنها الصدى وهو ما يعارض الصوت في الأماكن الخالية من الأجسام الصلبة ، ومعناه : ما عارض القرآن بعملك فاعمل بأوامره وانته عن نواهيه. فإن قلت : قوله : (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) كلام ظاهره متنافر غير منتظم ، فما وجه انتظامه؟ قلت : فيه وجهان ، أحدهما : أن يكون قد ذكر اسم هذا الحرف من حروف المعجم على سبيل التحدّى والتنبيه على الإعجاز كما مرّ في أوّل الكتاب ، ثم أتبعه القسم محذوف الجواب لدلالة التحدّى عليه ، كأنه قال (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) إنه لكلام معجز. والثاني : أن يكون (ص) خبر مبتدأ محذوف ، على أنها اسم للسورة ، كأنه قال : هذه ص ، يعنى : هذه السورة التي أعجزت العرب ، والقرآن ذى الذكر ، كما تقول : هذا حاتم والله ، تريد : هذا هو المشهور بالسخاء والله ، وكذلك إذا أقسم بها كأنه قال : أقسمت بص والقرآن ذى الذكر إنه لمعجز ، ثم قال : بل الذين كفروا في عزة واستكبار عن الإذعان لذلك والاعتراف بالحق وشقاق لله ورسوله ، وإذا جعلتها مقسما بها وعطفت عليها (وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) جاز لك أن تريد بالقرآن التنزيل كله ، وأن تريد السورة بعينها. ومعناه : أقسم بالسورة الشريفة والقرآن ذى الذكر ، كما تقول : مررت بالرجل الكريم وبالنسمة المباركة ، ولا تريد بالنسمة غير الرجل. والذكر : الشرف والشهرة ، من قولك : فلان مذكور ، وإنه