سورة الانشقاق
مكية ، وآياتها ٢٥ [نزلت بعد الانفطار]
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ (٢) وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (٣) وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ (٤) وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ)(٥)
حذف جواب إذا ليذهب المقدّر كل مذهب. أو اكتفاء بما علم في مثلها من سورتي التكوير والانفطار. وقيل : جوابها ما دلّ عليه (فَمُلاقِيهِ) أى إذا السماء انشقت لاقى الإنسان كدحه. ومعناه : إذا انشقت بالغمام ، كقوله تعالى (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) وعن على رضى الله عنه : تنشق من المجرّة. أذن له : استمع له (١). ومنه قوله عليه السلام : «ما أذن الله لشيء كاذنه لنبي يتغنى بالقرآن (٢). وقول جحاف بن حكيم :
أذنت لكم لمّا سمعت هريركم (٣)
والمعنى : أنها فعلت في انقيادها لله حين أراد انشقاقها فعل المطواع الذي إذا ورد عليه الأمر من جهة المطاع أنصت له وأذعن ولم يأب ولم يمتنع ، كقوله (أَتَيْنا طائِعِينَ). (وَحُقَّتْ) من قولك هو محقوق بكذا وحقيق به ، يعنى : وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع. ومعناه الإيذان بأنّ القادر الذات (٤) يجب أن يتأتى له كل مقدور ويحق ذلك (مُدَّتْ) من مدّ الشيء فامتدّ :
__________________
(١) قال محمود : «معنى أذنت استمعت ... الخ» قال أحمد : نغص تفسير الآية بقوله : القادر بالذات وما باله لا يقول : القادر الذي عمت قدرته الكائنات ، حتى لا يكون إلا بقدرته : حقيق أن يسمع له ويطاع ، فيثبت لله صفة الكمال ، ويوحده حق توحيده : وهو خير من سلب صفة الكمال عن الله تعالى وإشراك مخلوقاته به ـ جل ربنا وعز ـ
(٢) متفق عليه ، وقد تقدم في سورة إبراهيم.
(٣) أذنت لكم لما سمعت هريركم |
|
فأسمعتمونى بالخنا والفواحش |
لجحاف بن حكيم. وأذنت : أصخت وأصغيت بأذنى لكلامكم حين سمعت صوتكم ، وضمن أسمعتمونى معنى : أعلتمونى ، فعداه بالباء. ويجوز أنها زائدة. والخنا : الزنا وتوابعه مما يتعلق بالنساء ، والفواحش : أعم من ذلك
(٤) قوله «الإيذان بأن القادر بالذات» هذا التعبير مبنى على مذهب المعتزلة من أنه تعالى قادر بذاته لا بقدرة زائدة على ذاته ، عالم بذاته لا بعلم زائد على ذاته. ومذهب أهل السنة : أنه قادر بقدوة زائدة : هل ذاته ، عالم بعلم زائد على ذاته وهكذا ، كما في الحوادث