سورة الشرح
مكية ، وآياتها ٨ «نزلت بعد الضحى»
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ)(٤)
استفهم عن انتفاء الشرح على وجه الإنكار ، فأفاد إثبات الشرح وإيجابه ، فكأنه قيل: شرحنا لك صدرك ، ولذلك عطف عليه : وضعنا : اعتبارا للمعنى. ومعنى : شرحنا صدرك : فسحناه حتى وسع عموم النبوّة ودعوة الثقلين جميعا. أو حتى احتمل المكاره التي يتعرض (١) لك بها كفار قومك وغيرهم : أو فسحناه بما أودعناه من العلوم والحكم ، وأزلنا عنه الضيق والحرج الذي يكون مع العمى والجهل. وعن الحسن : مليء حكمة وعلما. وعن أبى جعفر المنصور أنه قرأ : ألم نشرح لك ، بفتح الحاء. وقالوا : لعله بين الحاء وأشبعها في مخرجها ، فظنّ السامع أنه فتحها ، والوزر الذي أنقض ظهره ـ أى حمله على النقيض وهو صوت الانتقاض والانفكاك لثقله ـ مثل لما كان يثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويغمه من فرطاته قبل النبوّة. أو من جهله بالأحكام والشرائع. أو من تهالكه على إسلام أولى العناد من قومه وتلهفه. ووضعه عنه : أن غفر له ، أو علم الشرائع ، أو مهد عذره بعد ما بلغ وبلغ. وقرأ أنس : وحللنا ، وحططنا. وقرأ ابن مسعود : وحللنا عنك وقرك. ورفع ذكره : أن قرن بذكر الله في كلمة الشهادة والأذان والإقامة والتشهد والخطب ، وفي غير موضع من القرآن (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) ، (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ) ، (وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) وفي تسميته رسول الله ونبى الله ، ومنه ذكره في كتب الأولين ، والأخذ على الأنبياء وأممهم أن يؤمنوا به. فإن قلت : أى فائدة في زيادة لك ، والمعنى مستقل بدونه (٢)؟ قلت : في زيادة لك ما في طريقة
__________________
(١) قوله «المكاره التي يتعرض لك» لعله تعرض بصيغة الماضي. (ع)
(٢) قال محمود : «إن قلت ما قائدة لك مع أن الاضافة تغنى عنها ... الخ»؟ قال أحمد : وقد تقدم عند الكلام على نظيرها في قوله : «قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمرى» قريب من هذا المعنى ، والله أعلم.