سورة الفيل
مكية ، وآياتها ٥ «نزلت بعد الكافرون»
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (١) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (٢) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (٣) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (٤) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ)(٥)
روى أنّ أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء وسماها القليس (١) ، وأراد أن يصرف إليها الحاج ، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا (٢) ، فأغضبه ذلك. وقيل : أججت رفقة من العرب نارا فحملتها الريح فأحرقتها ، فحلف ليهدمنّ الكعبة فخرج بالحبشة ومعه فيل له اسمه محمود ، وكان قويا عظيما ، واثنا عشر فيلا غيره. وقيل : ثمانية. وقيل : كان معه ألف فيل ، وكان وحده ، فلما بلغ المغمس خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع ، فأبى وعبأ جيشه وقدّم الفيل ، فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح ، وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول ، فأرسل الله طيرا سودا. وقيل خضرا وقيل : بيضا. مع كل طائر حجر في منقاره ، وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة. وعن ابن عباس رضى الله عنهما أنه رأى منها عند أم هانئ نحو قفيز مخططة بحمرة كالجزع الظفاري ، فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره ، وعلى كل حجر اسم من يقع عليه ، ففروا فهلكوا في كل طريق ومنهل ، ودوى أبرهة (٣) فتساقطت أنامله وآرابه ، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه. وانفلت وزيره أبو يكسوم وطائره يحلق فوقه ، حتى بلغ النجاشي فقص عليه القصة ، فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتا بين يديه. وقيل : كان أبرهة جدّ
__________________
(١) قوله «وسماها القليس» بالتشديد ، مثل القبيط : بيعة كانت بصنعاء للحبشة : بناها أبرهة ، وهدمها حمير ، كذا في الصحاح. (ع)
(٢) قوله «فقعد فيها ليلا» كناية عن التغوط. وفي الخازن فتغوط فيها ولطخ قبلتها بالعذرة. (ع)
(٣) قوله «ودوى أبرهة» أى مرض. وآرابه ، أى : أعضاؤه. (ع)