وقرأ عكرمة : ليألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف. وقريش : ولد النضر بن كنانة سموا بتصغير القرش : وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن ، ولا تطاق إلا بالنار. وعن معاوية أنه سأل ابن عباس رضى الله عنهما : بم سميت قريش؟ قال : بدابة في البحر تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى. وأنشد :
وقريش هي الّتي تسكن البحر |
|
بها سمّيت قريش قريشا (١) |
والتصغير للتعظيم. وقيل : من القرش وهو الكسب : لأنهم كانوا كسابين بتجاراتهم وضربهم في البلاد. أطلق الإيلاف ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين ، تفخيما لأمر الإيلاف ، وتذكيرا بعظيم النعمة فيه ، ونصب الرحلة بإيلافهم مفعولا به ، كما نصب (يَتِيماً) بإطعام ، وأراد رحلتي الشتاء والصيف ، فأفرد لأمن الإلباس ، كقوله.
كلوا في بعض بطنكم .... (٢) ..
__________________
(١) وقريش هي التي تسكن البحر |
|
بها سميت قريش قريشا |
تأكل الغث والسمين ولا تترك |
|
يوما لذي جناحين ريشا |
هكذا في الكتاب نالت قريش |
|
يأكلون البلاد أكلا كشيشا |
ولهم آخر الزمان نبى |
|
يكثر القتل فيهم والخموشا |
يملأ الأرض خيلة ورجالا |
|
يحشرون المطر حشرا كميشا |
لتبع. وقريش : تصغير قرش. قال ابن عباس : اسم دابة في البحر تأكل ولا تؤكل اه فصغر وسمي به النضر بن كنانة ، ثم سمى به أولاده. والمحدثون على أنه اسم لفهر بن مالك بن النضر ، وقال الروافض : هو اسم لقصي بن كلاب ، وتوصلوا بذلك إلى نفى إمامة أبى بكر وعمر لكونهما ليسا قرشيين ، لأنهما يجتمعان معه صلى الله عليه وسلم بعد قصي ، والامامة من قريش ، وقريش مبتدأ ، والجملة بعدها مستأنفة مبينة لها ، وبها سميت خبر ، أى : بسببها ، سميت هذه القبيلة قريشا تأكل ، أى قريش البحرية. ويؤيده ما روى قبل هذا البيت وهو :
سلطت بالعلو في لجة البحر |
|
على سائر البحور جيوشا ... تأكل |
ويحتمل أنها الضبيلة. والغث الخبيث. والسمين ، الطيب وصاحب الجناحين ، كناية عن الطير. أو استعارة الغنى ، وبالغ في أنها لا تبقى ولا تذر شيئا مما تظفر به بقوله : إنها لا تترك ريش ذى الجناحين. ويروى «فيه» بدل يوما وهو يعنى قريش البحرية. وهكذا : إشارة لحال دابة البحر ، أو لما قاله هو. والكتاب : التوراة أو الإنجيل. أو كتب التاريخ. وقريش هنا : القبيلة ، ويروى :
هكذا في البلاد حى قريش |
|
يأكلون البلاد ...... |
أى : يأخذون أموالها. والكشيش في الأصل : الصوت الخفي ، أى : أكلا بسهولة ، بلا إرهاب ولا إنعاب ، فهو مجاز ، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وخمشه خمشا : خدشه. والخموش : الخدوش. والخيلة : الشبح البعيد. والخيل : الخيالة. والرجال : المشاة على أرجلهم. ويحشرون : صفة لرجال ، ويبعد رجوعه لقريش ، والكميش : السريع. والمنضم : القاطع ، أى : يجمعونها بسرعة ، لكن المراد بالخموش هنا : الجروح.
(٢) قوله «كلوا في بعض بطنكم» بقيته : «تعفوا» وقد تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٤٧٩ فراجعه إن شئت اه مصححه. (ع)