سورة النصر
نزلت بمنى في حجة الوداع ، فتعد مدنية ، وهي آخر ما نزل من السور
وآياتها ٣ «نزلت بعد التوبة»
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً)(٣)
(إِذا جاءَ) منصوب بسبح ، وهو لما يستقبل. والاعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوّة. روى أنها نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع. فإن قلت : ما الفرق بين النصر والفتح حتى عطف عليه؟ قلت : النصر الاغاثة والاظهار على العدوّ. ومنه : نصر الله الأرض غاثها. والفتح : فتح البلاد. والمعنى : نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على العرب. أو على قريش وفتح مكة. وقيل : جنس نصر الله للمؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم ، وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب ، وأقام بها خمس عشرة ليلة ، ثم خرج إلى هوازن ، وحين دخلها وقف على باب الكعبة ، ثم قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ، ثم قال : يا أهل مكة ، ما ترون أنى فاعل بكم؟ قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم. قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) ، وقد كان الله تعالى أمكنه من رقابهم عنوة ، وكانوا له فيئا ، فلذلك سمى أهل مكة الطلقاء ، ثم بايعوه على الإسلام (فِي دِينِ اللهِ) في ملة الإسلام التي لا دين له يضاف إليه غيرها (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ). (أَفْواجاً) جماعات كثيفة كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها
__________________
(١) أخرجه ابن إسحاق في السيرة. وروى البخاري عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة في رمضان ـ الحديث ، قال : فصبحها لثلاث عشرة خلت من رمضان» وفي الدلائل من طريق ابن إسحاق عن الزهري وغيره قال : فتحت لعشر بقين».