تصديق القلب ، وعلى أنّ الكلام الحقيقي كلام القلب ، ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب ، وقيل : أكذبهم الله في أيمانهم ، وهو قوله : (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ) [التوبة : ٥٦].
قال ابن الخطيب (١) : فإن قيل : لو قالوا : نعلم إنّك لرسول الله مكان قولهم : نشهد إنّك لرسول الله ، تفيد ما أفاد قولهم : نشهد؟.
فالجواب : لا ؛ لأن قولهم : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) صريح في الشّهادة على إثبات الرسالة ، وقولهم : نعلم ليس بصريح في ذلك.
قوله : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً).
قد تقدم الكلام أنه يجوز أن يكون جوابا للشرط.
ويجوز أن يكون مستأنفا جيء به لبيان كذبهم وحلفهم عليه ، أي أنّ الحامل لهم على الأيمان اتقاؤهم بها عن أنفسهم (٢).
والعامة : على فتح الهمزة ، جمع يمين.
والحسن (٣) : بكسرها مصدرا.
وتقدم مثله في «المجادلة» ، والجنّة : التّرس ونحوه ، وكل ما يقيك سوءا. ومن كلام الفصحاء : [جبّة البرد] جنّة البرد.
قال أعشى همدان الشاعر : [الطويل]
٤٧٧٢ ـ إذا أنت لم تجعل لعرضك جنّة |
|
من المال سار الذّم كلّ مسير (٤) |
فصل
قال القرطبي (٥) وغيره : (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) ، أي : سترة ، وليس يرجع إلى قوله : (نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ) وإنّما يرجع إلى سبب الآية التي نزلت عليه حسب ما ذكره البخاري والترمذي عن أبيّ أنه حلف ما قال ، وقد قال ، وقال الضحاك : يعني : حلفهم بالله «إنهم لمنكم».
وقيل : يعني بأيمانهم ما أخبر الرب عنهم في سورة «براءة» في قوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) [التوبة : ٧٤].
__________________
(١) ينظر : التفسير الكبير ٣٠ / ١٣.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٩.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣١١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٦٧ ، والدر المصون ٦ / ٣١٩.
(٤) تقدم.
(٥) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٨٠.