وفي صحيح مسلم : وقوله : (كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ). كانوا رجالا [أجمل](١) شيء كأنهم خشب مسنّدة شبههم بخشب مسندة إلى الحائط لا يسمعون ولا يعقلون أشباح بلا أرواح ، وأجسام بلا أحلام (٢).
وقيل : شبههم بالخشب التي قد تآكلت فهي مسندة بغيرها لا يعلم ما في بطنها (٣).
قال الزمخشري (٤) : شبهوا في استنادهم بالخشب المسندة إلى حائط ؛ لأنهم أجرام خالية عن الإيمان والخير بالخشب المسندة إلى الحائط ، لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار ، أو غيرهما من مظان الانتفاع ، وما دام متروكا فارغا غير منتفع به فأسند إلى الحائط ، فشبهوا به في عدم الانتفاع ، ويجوز أن يراد بها الأصنام المنحوتة من الخشب المسندة إلى الحيطان.
فصل في قراءة خشب
قرأ قنبل وأبو عمرو والكسائي (٥) : «خشب» بإسكان الشين. وهي قراءة البراء بن عازب ، واختيار أبي عبيد.
لأنّ واحدتها خشبة كما تقول : بدنة وبدن. قاله الزمخشري (٦).
وقال أبو البقاء (٧) : و «خشب» ـ بالإسكان والضم ـ جمع خشب ، مثل : أسد وأسد.
قال القرطبي (٨) : وليس في اللغة : «فعلة» يجمع على «فعل» ، ويلزم من ثقلها أن تقول : «البدن» فتقرأ : «والبدن» ، وذكر اليزيدي أنه جمع الخشباء ، كقوله تعالى : (وَحَدائِقَ غُلْباً) [عبس : ٣٠] واحدتها : حديقة غلباء.
وقرأ الباقون من السبعة : بضمتين.
وقرأ سعيد بن جبير (٩) ، وابن المسيب : بفتحتين.
ونسبها الزمخشري لابن عبّاس ، ولم يذكر غيره (١٠).
__________________
(١) في أ : أكمل.
(٢) أخرجه مسلم ٤ / ٢١٤ في صفات المنافقين (١ ـ ٢٧٧٢) من حديث زيد بن أرقم.
(٣) ينظر : القرطبي (١٨ / ٨٢).
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٤٠.
(٥) ينظر : السبعة ٦٣٦ ، والحجة ٦ / ٢٩١ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٧ ، وحجة القراءات ٧٠٩ ، والعنوان ١٩١ ، وشرح شعلة ٦٠٣ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٩.
(٦) الكشاف ٤ / ٥٤٠.
(٧) ينظر : الإملاء ٢ / ١٢٢٤.
(٨) الجامع لأحكام القرآن ١٨ / ٨٢.
(٩) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣١٢ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٦٨ ، والدر المصون ٦ / ٣٢٠.
(١٠) ينظر الكشاف ٤ / ٥٤٠.