قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ).
هذه المسألة عدها النحاة من الإعمال ، وذلك أن «تعالوا» يطلب (رَسُولُ اللهِ) مجرورا ب «إلى» أي : تعالوا إلى رسول الله.
و «يستغفر» يطلبه فاعلا ، فأعمل الثاني ، ولذلك رفعه ، وحذف من الأول ، إذ التقدير : تعالوا إليه. ولو أعمل الأول لقيل : تعالوا إلى رسول الله يستغفر ، فيضمر في «يستغفر» فاعل.
ويمكن أن يقال : ليست هذه من الإعمال في شيء ؛ لأن قوله «تعالوا» أمر بالإقبال من حيث هو ، لا بالنظر إلى مقبل عليه (١).
قوله : (لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ) هذا جواب «إذا».
وقرأ نافع : «لووا» مخففا (٢) ، والباقون مشددا على التكثير.
و «يصدّون» حال ؛ لأن الرؤية بصرية ، وكذا قوله : («وَهُمْ) يستكبرون» حال أيضا ، إما من أصحاب الحال الأولى ، وإما من فاعل «يصدون» فتكون متداخلة.
وأتي ب «يصدّون» مضارعا دلالة على التجدّد والاستمرار (٣).
وقرىء (٤) : «يصدّون» بالكسر.
وقد تقدمتا في «الزخرف» (٥).
فصل في نزول الآية (٦)
لما نزل القرآن بصفتهم مشى إليهم عشائرهم وقالوا : افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم من النفاق ، واطلبوا أن يستغفر لكم ، فلووا رءوسهم أي : حرّكوها استهزاء وإباء. قاله ابن عباس (٧).
وعنه أنه كان لعبد الله موقف في كل سبب يحضّ على طاعة الله ، وطاعة رسوله ، فقيل له: وما ينفعك ذلك ورسول الله صلىاللهعليهوسلم عليك غضبان ، فأته يستغفر لك فأبى ، وقال : لا أذهب إليه.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢١.
(٢) ينظر : السبعة ٦٣٦ ، والحجة ٦ / ٢٩٢ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٨ ، وحجة القراءات ٧٠٩ ، والعنوان ١٩١ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥٥ ، وشرح شعلة ٦٠٣ ، وإتحاف ٢ / ٥٤٠.
(٣) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢١.
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣١٤ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٦٩ ، والدر المصون ٦ / ٣٢١.
(٥) آية (٥٧).
(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٣.
(٧) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٨٣).