وأما قبل «أم» فكثير ، كقوله : [الطويل]
٤٧٧٦ ـ لعمرك ما أدري وإن كنت داريا |
|
بسبع رمين الجمر أم بثمان (١) |
وقد تقدمت هذه المسألة مستوفاة.
فصل في نزول هذه الآية
قال قتادة : هذه الآية نزلت بعد قوله : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) ، وذلك أنّها لما نزلت قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أخبرني ربي فلأزيدنهم على السبعين» ، فأنزل الله تعالى : (فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) [التوبة : ٨٠] الآية.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : المراد بالفاسقين المنافقون (٢).
فصل في تفسير الآية
معنى (٣) قوله : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ).
أي : كل ذلك سواء لا ينفع استغفارك شيئا ؛ لأن الله تعالى لا يغفر لهم ، نظيره : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [البقرة : ٦] ، (سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ) [الشعراء : ١٣٦] ، (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ).
قال ابن الخطيب (٤) : قال قوم : فيه بيان أن الله ـ تعالى ـ يملك هداية وراء هداية البيان ، وهي خلق فعل الاهتداء فيمن علم منه ذلك.
وقيل : معناه لا يهديهم لفسقهم ، وقالت المعتزلة : لا يسمّيهم المهتدين إذا فسقوا وضلّوا.
فإن قيل : لم ذكر الفاسقين ولم يقل : الكافرين أو المنافقين أو المستكبرين مع أن كلّا منهم تقدم ذكره؟.
فالجواب (٥) : أن كل واحد منهم دخل تحت الفاسقين.
قوله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (٧) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٠٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٣٧) عن ابن عباس.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٤.
(٤) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٥.
(٥) السابق ٣٠ / ١٦.