بعلمه ما يسرونه وما يعلنونه ثم بعلمه ما في الصدور من الكليات والجزئيات على أنه لا يخفى عليه شيء في السماوات والأرض ألبتة.
ونظيره قوله : (لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) [سبأ : ٣].
وقرأ العامّة : بتاء الخطاب في الحرفين.
وروي عن أبي عمرو وعاصم (١) : بياء الغيبة ، فيحتمل الالتفات وتحمل الإخبار عن الغائبين.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) فهو عالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شيء (٢).
قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٥) ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٦) زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ خالِدِينَ فِيها وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(١٠)
قوله : (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ).
الخطاب لقريش ، أي : ألم يأتكم خبر كفّار الأمم السالفة (فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) أي : عوقبوا (وَلَهُمْ) في الآخرة (عَذابٌ أَلِيمٌ) أي : مؤلم.
قوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُ).
الهاء للشأن والحديث ، و (كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ) : خبرها ، ومعنى الإشارة أي : هذا العذاب لهم بكفرهم بالرسل تأتيهم بالبينات ، أي : بالدلائل الواضحة (٣).
قوله : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا).
يجوز أن يرتفع «بشر» على الفاعلية ، ويكون من الاشتغال ، وهو الأرجح ، لأن الأداة تطلب الفعل ، وأن يكون مبتدأ وخبرا.
وجمع الضمير في «يهدوننا» إذ البشر اسم جنس (٤).
أنكروا أن يكون الرسول من البشر.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٧٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٢٥.
(٢) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٩.
(٣) السابق.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٢٥.